الطريق الموحش


علامات                         بقلم رياض المرزوقي
*****************************
( العلامات روح الطريق )
*****************************
30 - الطريق الموحش               " رجلاي رصاص ...
                                                              أسعى من غير خلاص "  ر. م 

أستيقظ من نومي أحيانا في قلب الليل فأرى أمامي طريقا ممتدّا تحيطه حقول .. لا أرى
له نهاية , ولا أدرك له بداية .. فأحرّك رجليّ بلا هدف ..
هذا الطريق أعرفه جيّدا في الواقع , مشيت فيه حتى تخشّبت مفاصلي , وأدركني إعياء
وددت معه لو أني أغمض عيني , وأتوقّف .
التحقت بمعهد رادس الثانوي , وقد تجاوزت العاشرة من عمري بقليل . وكان عليّ أن
أخرج في عتمة الصباح الأول , لأقصد ( مقرين ) انطلاقا من منزلنا ب( بنعروس )
سيرا على الأقدام . ولم تكن توجد مواصلات من أي نوع كان .
فأمشي مسافة طويلة في تلك الطريق الخالية , تحوطني مخاوف الطفولة , ويعوقني
جسدي النحيل , المتعب حتى أصل محطة القطار .
وكان الأمر يتكرّر كل يوم , فأتلهى بسرد ما أحفظ , أو أتخيل مشاهد تخرج بي تماما
عن العالم المحيط بي . ولعلّ المارّة القلائل الذين صادفوني , تصوروا أني مجنون ,
يتمتم , شاخص العينين إلى الأفق البعيد .

تعلمت أن أنسى رجليّ حتى لا يؤودني التعب , أو يغريني التوقّف .
وكانت حياتي , من ذلك الحين , سيرا متعبا , لا أسمح فيه لنفسي بالراحة لأني لو
توقّفت , لما تمكنت من متابعة الطريق .
واليوم , وأنا في هذا العمر , ما زلت أتخيل نفسي أمشي .. وأمشي بلا توقف !

















                         












                                                         










تعليقات