هل تعرف عمر الغرايري؟


بقلم الاستاذ احمد بن عبد الله

من رواد فن الرسم الكاريكاتوري في تونس
عمر الغرايري
لم أفلح حتى الآن في العثور على معلومات تمكنني من وضع ترجمة ذاتية لهذا الرسام رغم شهرته وغزارة إنتاجه فالمراجع شحيحة إذ لم يهتم الباحثون في الصحافة الهزلية في تونس بالرسوم التي كانت تعج بها. ومما زاد البحث تعقيدا أن الصور الممضاة نادرة. وفي غياب هذه المعلومات أقتصر على ما أورده محمد صالح المهيدي في مجموعة المقالات التي أصدرها في جريدة "الوطن" (وهي 6 حلقات صدرت بين 28/03/1957 و 09/05/1957) تحت عنوان "تاريخ الصحافة العربية في القرن التاسع عشر جريدة الوطن ومؤسسها".
"كانت جريدة الوطن تعتمد على نخبة من المحررين الأكفاء، ولكنها إلى جانب ذلك كانت تعتمد أيضا على مصور بارع، كان الأول من نوعه في التصوير الكاريكاتوري في تاريخ الصحافة العربية التونسية وهو الأستاذ عمر غ (عمر الغرايري).
نعم مرت على الصحافة العربية التونسية الهزلية عشرات السنين وهي تحاول الاعتماد على مصور من هذا النوع، ولكنها لم تصل إلى مرغوبها. فالأستاذ المرحوم الفورتي في جريدته (ولد البلاد) كان يعتمد على مصور فرنسي. و(الممثل) كانت تعتمد على مصور من الأكفاء هو (ابن عصمان) الذي فارق هذا الوطن إثر محاكمته في عهد الاستعمار البغيض. و حاول السيد الشريف بن يخلف أن يكون مصورا من هذا النوع ولكنه لم يوفق. وجرب المرحوم الدوعاجي في جريدته (السرور) التصوير بقلمه ولكنه لم ينجح إلا في صور بعض الشخصيات وتقدم السيد المنجي الشريف إلى الميدان ثم تأخر. و جرب الأستاذ حاتم المكي العمل مع الصحافة العربية التونسية فوجد جوها غير مساعد، ففرّ إلى الصحافة الباريسية، يقدم لها عصارة فكره.
قلت إن (الوطن) اعتمدت على التصوير الكاريكاتوري الذي كان حدثا جديدا في تاريخ الصحافة العربية العصرية بتونس. وكان الأستاذ عمر غ. هو الذي يملأ هذا الفراغ في الوطن والشباب وصبرة والسردوك، وغيرها من الصحف.
وتحتل صورة الوطن عدة أمكنة من الجريدة، وتتوزع على صفحاتها، فوجه الجريدة أي صحيفتها الأولى تحتله صورة سياسية جامعة. وأكثر ما يكون موضوعها السياسة الداخلية، وقد تتناول السياسة العالمية شرقية أو غربية على نسبة اتصالها بالسياسة التونسية.
وفي كل أسبوع تنشر الوطن صورة رمزية لحادث محلي تحت عنوان (نكتة الأسبوع).
وأما حديث المسرح والتخت فيتناول فيه المصور بريشته البارعة الممثلين والمطربين والفنانين، لا فرق في ذلك بين الجنسين اللطيف والخشن إن صحّ التعبير. فإذا انتقلنا إلى باب (ساحة الأبطال والصعاليك) رأينا العجب العجاب من ريشة الأستاذ عمر غ. التي تصور الشخصية المرسومة تصويرا قد يدخل الكآبة والحزن على من تناولتهم بالرسم والعرض، والفرح والسرور على قراء الجريدة لأنهم وجدوا ضالتهم المنشودة فيما يعرض أمام أنظارهم.
الأستاذ عمر غ. قل أن يجود الدهر بمثله، خدم هذا الوطن خدمة جليلة بما نشره من صور في الصحافة التونسية، تلك الصور التي كانت تتناول الأحداث السياسية الكبرى في التاريخ السياسي والكفاح القومي التونسي. 
والأستاذ عمر غ. الذي له هذا الماضي الناصع في التاريخ السياسي والكفاح القومي، رجل متواضع إلى أبعد حدود التواضع، قليل التردد على المجتمعات العامة، منزو في أكثر الأحيان في محل عمله، يجلس إلى جانبك فلا تشعر بوجوده، فإذا تحدث إليك كان حديثه همسا، وإذا أراد أن يبدي إليك ملاحظة في حديث يدور بينكما لا تشعر منه بالمعارضة وجها إلى وجه. حاول أن ينفرد بالعمل الصحفي وينشئ مجلة على شكل مجلة "سندباد"، ولكنه حتى الآن متردد لأنه مرتبط بعمل آخر ككل أصحاب المواهب الذين يشتغلون بأعمال لا تتماشى مع ما يرغبونه.
قدم مجموعة من الصور إلى وزارة البريد فطبعت فوق طوابع (الاستقلال) في الشهر المنصرم، بعد أن وقع عليها الاختيار من طرف خبراء فنيين عالميين، وطبعت في (لندرة). أنا أعتقد أن جريدة الوطن لو قدر لها أن تصدر غير مصورة، لكان رواجها ضعيفا بل كان مصيرها مصير عشرات من الصحف الأخرى التي كانت لا تعيش أكثر من شهر أو شهرين، وإذا كان محررو الوطن وهم من عرفت، ف؟أن مصور الوطن الدائم  من نوع أولئك المحررين هوايته التصوير ولم يصبح بعد محترفا حتى الآن، رغم مضي عشرين عاما على مباشرته لهاته المهنة، أعني بذلك أن الأستاذ عمر غ. لا يقدم نتائج قريحته ويلح في طلب المقابل، بل يترك ذلك إلى (همة) أصحاب الجرائد التي تنشر صوره"..
ولمزيد التعرف على هذا الفنان أقدم في ما يلي :
• مجموعة من رسومه في جريدة الشباب التي أسسها محمود بيرم التونسي (مع الملاحظة أن هذه الجريدة قدمت أيضا رسوما لحاتم المكي سأنشرها في مناسبة قادمة)
• مجموعة رسوم متفرقة لم يذكر مكان نشرها
• مجموعة طوابع بريدية من رسم الغرايري بمناسبة الذكرى اّلأولى للاستقلال (1957)
• علب سقائر تونسية رسم عمر الغرايري.

وأرجو ممن لديه معلومات إضافية حول هذا الفنان إضافتها من خلال التعليق لمزيد إلقاء الضوء على حياته.

تعليقات