الصوت والصورة


علامات         11                   بقلم رياض المرزوقي
************************************
( العلامات روح الطريق )
*************************************
                                 

37 - الصوت والصورة                             " أنا الموعود .. بلا وعد " ر. م

عشت منذ طفولتي في حضن المذياع , وربما استمعت إلى الموسيقى الكلاسيكية
أو الإلياذة , أو مسرحيات الدوعاجي قبل أن أحذق القراءة .
وليس عمل والدي في الإذاعة هو سبب هذا الانجذاب , فقد اكتشفت أنني من عاشقي
الصوت , الموسيقى بالطبع , ولكن أيضا النبرات البشرية , وترنيم الطيور , وانكسار
الأمواج على الشاطيء , وحفيف أوراق الشجر ....
وأكبر ما ينغّص حياتي اليوم , هو نوع من الصفير أصاب سمعي فجعلني لا أستمع أو
أكاد , وتسبّب خاصّة في إفساد متعة الانصات , وخاصة للموسيقى , ولكن ما باليد
حيلة . والحمد لله على كلّ حال !
ومنذ نشأت , كان حلمي الأكبر أن أتكلم في الإذاعة , وقد تحقق حلمي , وسجلت مئات
البرامج قبل أن تقرر الإدارة " الموقّرة " منعي من تسجيل برامجي بصوتي ( وقد
سمعت عن كلّ غريبة إلا خطورة صوتي ) , ثمّ قبل إزاحتي نهائيا عن الإنتاج ,
وهو ما أضاف جرحا آخر إلى جروحي المتعددة .
لقد استمرّ إنتاجي البرامج في الإذاعة ما يقارب الثلاثين سنة , بصفة شبه متواصلة .
بينما أنتجت , وشاركت في برامج تلفزية كثيرة , لكنني لم أحسّ قطّ بمتعة عرض
وجهي أمام كاميرا التلفزة , قدر متعة الإلقاء الصوتي في ميكروفون الإذاعة .
وأعتقد أن مهنة التدريس التي مارستها لنحو الأربعين سنة مكنتني من استعراض
صوتي كما أرغب .
يبقى أني في شوق للكلام من جديد , وأنا أتكلم من خلال الكتابة .
" قولوا لدوامي الأسنان
  تجّار الموت ..
صوتي لن يغلبه صوت ! " .




تعليقات