سياسات الثقافة التي نريد 2من 2

نواصل النظر في كتاب الدكتور علي بن العربي سياسات الثقافة التي نريد سبعون سنة من تأملات وتصورات اجيال المثقفين (..1946_ 2016) وكنا قد ابدينا جملة اولى من الملاحظات في حلقة سابقة

قراءة في المتن

الحق اقول ان سؤالا راودني وانا اقرأ متن هذا الكتاب مفاده : هل كتب هذا الكتاب بروح المثقف ام بقلم الموظف الذي اشتغل بالثقافة؟
طرحت على نفسي هذا السؤال لاني عثرت على نوعين من الكتابة ؛ كتابة فيها تحليل واستشهاد وبعد نقدي واخرى استعراضية تبريرية لا ترى خطا في التوجه ولا في الاختيار؟  رغم ان الكاتب تقاعد ونفض يديه من المسؤوليات بعد ان تقلب فيها ردحا من الزمن ؟ فلماذا التواطؤ والخوف والحذر والحال ان شعار المرحلة " لا خوف بعد اليوم " .
هذا السؤال قادني الى سؤال اخطر وهو  هل كتب الدكتور علي بن العربي تاريخ الثقافة وسياساتها ام كتب تاريخه الشخصي؟ فاراد استعراض جهوده وعلاقاته وتصفية ذاكرته ؟
هذا كتاب يشكو اللاتوازن بين أجزائه فما خصصه للمسرح والسينما اكثر مما خصصه للفنون التشكيلية مثلا بل ان حديثه عن هذا اللون من الثقافة شابه الغلط
هو يتحدث عن الرابطة التونسية للفنون التشكيلية مثلا ويسميها : الجامعة الوطنية للفنانين التشكيليين؟  (ص 137)
وقال ان الجامعة _ يقصد الرابطة_ خلفت اتحاد الفنانين التشكيليين المنقرض؟ وهذا غير صحيح لان الاتحاد لايزال قائما ولا يزال فاعلا وعدد منخرطيه اكثر من منخرطي الرابطة ويستعد للاحتفال بمرور خمسين عاما على تأسيسه
وقال ان الرابطة ترأسها ابراهيم العزابي ونائبه محمد قويعة
والصحيح ان خليل قويعة لا محمد هو الرئيس  وابراهيم العزابي هو الكاتب العام
اخطاء وخلط كثير من هذا النوع لا يتسع المقام لذكره كاملا كان على صاحب الكتاب التنبه اليها
وكم كنت اتمنى لو تحدث عن الاسباب الحقيقية التي تأسست من أجلها وزارة الثقافة وهي عندي وعند من يعرف لاجل جمع خطب بورقيبة ونقلها ما العامية الى العربية وترجمتها الى اللغات الاجنبية وتنظيم العكاضيات في عيد ميلاد الرئيس
ولماذا جعل اول وزير عليها هو الشاذلي القليبي ؟ والحال ان محمد مزالي اولى بتولي هذه المهمة او محمود المسعدي بحكم علاقتهما بالادب والثقافة ؟ الاجابة بسيطة هو ان الشاذلي القليبي هو كاتب خطب بورقيبة والساهر على جمعها وترجمتها .
هذا ما لم يقله الدكتور علي بن العربي ولم يتحدث عن  احقتار بورقيبة للمثقفين والسخرية منهم وحتى من تولى تشجيعهم فلانهم جسدوا شخصيته وسبحوا بحمده وداروا في فلكه والكل يعرف حادثة ضرب وزير الثقافة من اجل مسرحية منصور الهوش التي شاهدها  في قصره
ومن اغرب مايقرا المرء في كتاب عابرة هي الايام للوزير البشير بن سلامة انه لما عين وزيرا للثقافة ذهب الى بورقيبة ليشكره على ثقنه وقال له سيدي الرئيس لقد وجدت حلا سحريا للعكاضيات اذ سيتولى عمارة السخيري الشعر الشعبي فيما سيتولى صالح المهدي شان الفرق الموسيقية والراقصات ؟ هذا هو برنامج وزير ثقافة بورقيبة ؟
لقد كانت الثقافة في العهد البورقيبي في خدمة الشخص لتتحول في اخر عهده الى الدوران قي ثنائية الزيف والاصالة فتتحول في عهد الرئيس بن علي الى الثقافة سندا للتغيير مع شعار : لا لتهميش الثقافة ولا لثقافة التهميش ويقع الانقلاب على هذا الشعر فيصبح اسم الوزارة وزارة الثقافة والترفيه لتستدرك دولة التغيير المسالة  وتصبح وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ثم ياتي عهد الثورة لتنتكس الثقافة من جديد وتنحدر ميزانيتها الى مايقارب النصف وتلغى اللجان الثقافية
كل هذا لم يتحدث عنه الدكتور علي بن العربي للاسف ورغم ذلك نرحب بهذا الكتاب ونحمد لصاحبه مااتاه من جهد ومشقة ونقول انه خطوة اولى بد ان تعقبها خطوات اخرى لذلك مرحى مرحى بالكناب الذي ندعو القراء على الاقبال عليه ومطالعته

تعليقات