المرزوقي والجازية 2


علامات    15                     بقلم رياض المرزوقي

( العلامات روح الطريق ) 

******************************************


45 - المرزوقي والجازية 2        "  جارَّه المرود في العين     خلّت الصايم فطر رمضان "
                                                                      ( التغريبة )

انطلقت الجازية الهلالية من قلم المرزوقي مسلسلا إذاعيا سنة 1957 , وكان من إخراج
( حمودة معالي ) , وتمثيل نخبة من الفرقة التمثيلية للإذاعة آنذاك مازلت أذكر صدى
أصواتهم , ونطقهم الجميل بهذه اللهجة الخاصّة التي ابتكرها المرزوقي , والتي لا أرى
لها مثيلا إلا حوار محمود بيرم التونسي في أفلامه البدوية . وصلات المرزوقي وبيرم في
جماعة تحت السور تنطلق سنة 1935 حين فاز المرزوقي بجائزة الشبيبة
المدرسية , وكان من أعضاء لجنة التحكيم بيرم , وتواصلت إلى خروج بيرم من
تونس منفيا سنة 1937 . ولا شكّ أن هذه الصلة تحتاج إلى دراسة  , فلا أذكر
أني قرأت عنها سطرا واحدا ! 
وياليت الإذاعة الوطنية تتفضل بإعادة بث مسلسل الجازية الهلالية فهو من أثمن
ما يضمّه أرشيفها !
وحضرت مسرحية ( الجازية ) , ولا أذكر تاريخ تقديمها , ولكني أذكر إلى اليوم
صوت البطلة ( شافية رشدي ) التي قامت بدور الجازية , وهو صوت فريد ,
وأذكر أني أخذت بالنص , والإلقاء على ثورتي " الشبابية " آنذاك على مثل هذا
الضرب من المسرح " الكلاسيكي " . 
ثم صدرت الجازية في كتاب سنة 1978 عن الدار التونسية للنشر , وهو كتاب
سيء الإخراج إلى حد بعيد !
وقبل وفاة المرزوقي بسنوات قليلة , ظهر مشروع تحويل الجازية إلى شريط سينمائي 


بإنتاج مشترك مع مصر , وكلّف ( صلاح أبو سيف ) بإخراجه . ولا حاجة لوصف
ابتهاج المرزوقي بتحقق إحدى أمنياته الكبرى , قبل أن يذهب المشروع
أدراج الرياح لأسباب أجهلها , وقد تكون مالية .
ثم كانت الندوة العالمية الأولى للسيرة الهلالية بالمركز الثقافي بالحمامات , وتأليف
كتاب لعله مع ( الرحلة الصحراوية ) آخر تآليف المرزوقي , أعني ( على هامش السيرة
الهلالية ) .
وفي ليلة نوفمبرية , دخل المرزوقي في غيبوبة الموت , وهو يطالع ( تغريبة بني هلال )
تمتد علاقة المرزوقي بالجازية إذن من طفولته التي كان يستمع فيها إلى المنظومات
الشعرية عنها حتى لحظة وفاته .
وتتواصل هذه العلاقة بعد موته , ولكن بصورة سلبية في الغالب , فلا أقدر على تعداد
المرّات التي دخلت فيها في خصام مع الناشرين الحكوميين والخواص على حد السواء
من أجل الجازية , ولا الساعات الطويلة التي قضيتها في إعداد تحويل الجازية إلى
مسلسل تلفزي , قبل أن تتخلى التلفزة عن وعودها , ولا المناسبات التي تتبعت فيها
الاعتداءات المختلفة والسرقات التي طالت نصها .
والمهمّ اليوم أنني مستبشر بعودة ملتقى المرزوقي إلى الحياة , وبصدور الجازية
في أحد أقسام الأعمال الكاملة القادمة إن كتبت لي الحياة , والقدرة على متابعة
الطريق !


                                           

تعليقات