محمد الهاشمي بلوزة يشكك في محاربة الحكومة للفساد

بقلم : محمد الهاشمي بلوزة

هل الحكومة جادة في مقاومة الفساد وفي الحد من

سوء التصرف في المال العام ؟
طرحت هذا السؤال على نفسي وحاولت البحث عما يفيد التأكيد فلم أجد إلا تحركات شعبوية وسياسوية لا علاقة لها بالمهنية والحيادية المطلوبة في مثل هذه الحرب . ذلك أن رئيس الحكومة وصف تحركات حكومته بالحرب .
أنا أعتقد أن لكل حرب استراتيجيتها وأهدافها وأدواتها. ولئن كانت الإستراتيجية والأهداف واضحة فالأمر ليس بنفس الوضوح بالنسبة للأدوات ذلك أني لا أرى أداة أنجع في مثل هذه الحرب من المهنيين المختصين في الكشف عن المال الفاسد ومصادره وفي تعرية سوء التصرف في المال العام.بل لعلي لا أبالغ إذ أؤكد اليوم أن السلطة التنفيذية وفي ركابها للأسف الهيئة المعنية بالموضوع تبذل قصارى الجهد لتهميش الهيئات الوحيدة في تونس المختصة فيما ذكرت والتي دأبت منذ ما يزيد عن الربع قرن في الكشف عن السرقات المالية وعن سوء التصرف في المال العام والحد من ذلك رغم أن السلطة في المراحل السابقة كانت تكيف تقارير هذه الهيئات وفقا لمصالحها السياسية. وقد تفطن المرحوم عبد الفتاح عمر لأهمية تلك التقارير فاعتمدها في تقريره الذي أصدره قبل وفاته والذي يعد المرجع الأول الذي اعتمدته الهيئات القضائية في عملها طيلة الفترة الماضية.
إن هيئات الرقابة العامة التي أقصدها في مقالي هذا تتكون من إطارات عالية الكفاءة في مختلف الإختصاصات وقد برهنت على ذلك سابقا وواصلت عملها بكل حرفية وحيادية مباشرة بعد جانفي 2011 لتكشف العديد من التجاوزات التي أحيلت للقضاء. إن المراقبين العاملين بهذه الهيئات أصبحوا رغم الجهود التي يبذلونها يوميا في مرمى سهام الحكومة والجهات الأخرى المكلفة بمقاومة الفساد لا لشيء إلا لنجاعتها وقوتها ومهنيتها وحيادها الذي اعترفت به المنظمات والهيئات الدولية . والسؤوال الذي يفرض نفسه في هذا الصدد . بمن سيقاومون الفساد إذا همشت هذه الهيئات. أتترك السلطة التنفيذية والجهات الأخرى أجهزة قائمة الذات تعمل منذ سنين إلى أن اكتسبت الحرفية والخبرة وهي متكونة من موظفين يتقاضون رواتب من ميزانية الدولة لتلجأ إلى جهات أخرى غير مضمونة الحياد ومشكوك في مهنيتها أو لتتعامل فقط مع الملف سياسيا وإعلاميا؟
المعلوم أن القضاء يحتاج إلى الخبراء للتحقيق والتدقيق في الملفات وقد ثبت أن المراقبين هم أفضل الخبراء لدينا فلماذا الإصرار على تهميشهم من خلال عدم التقيد بالنصوص القانونية وبالحقوق المكتسبة المتعلقة بترقياتهم وحياتهم المهنية ومن خلال تجميد أجورهم حتى أصبحوا في درجة أقل بكثير من نظرائهم وفقا لمستواهم العلمي والأكاديمي . هل بمثل هذا التصرف تريد السلط المختلفة مقاومة الفساد ؟ إن ذلك يدعوني إلى الشك في النوايا وأرجو أن أكون مخطئا

تعليقات