ماذا لو تدخل الوزير ومارس الرقابة ؟

مايدور هذه الايام من لغط حول امينة فيمن والفيلم الوثائقي حول المثلية الجنسية الى حد طالب البعض بضرورة تقديم الوزير لاستقالته ؟ امر غريب وعجيب اما غرابته فتكمن في تناقض هؤلاء فمن جهة يطالبون بضرورة عدم تدخل الدولة في الابداع وعدم ممارسة الرقابة على المبدعين وضرورة تشجيع المبادرات الحرة ...الخ تحت عناوين متعددة كحرية الابداع وحرية الضمير والغاء الرقابة
ومن جهة ثانية يطالبون الوزارة بالتدخل وممارسة الرقابة والوصاية والمنع والزجر ...تحت عناوين متعددة كضرورة احترام الاخلاق ومراعاة مشاعر المجموعة الوطنية والهوية ....الخ
حيث يجد الوزير او المسؤول نفسه في وضعية لا يحسد عليها هل يتدخل ويمارس الرقابة او لا يتدخل ويترك الحابل على الغارب ؟
الدستور ينص على حرية الضمير والممارسات الشخصية وحقوق الاقليات وعلى الدولة احترام هذه المسائل والحرص على تطبيق ماورد في دستور الثورة الذي شارك في صياغته حزب اسلامي
وهاهي الان تتعالى الاصوات منددة بحدث لايمكن ان يتدخل فيه الوزير
المعروف ان كل الافلام القصيرة والطويلة الوثائقية منها او الروائية تمر على لجنة تتكون من الاساتذة والمثقفين من اهل الاختصاص ولا سلطة للوزير على هذه اللجان فتمنح اللجنة لمن تتوفر فيه الشروط ولا تمنح لمن لايستجيب للشروط
اذا تم تصوير الفيلم لا يمكن للوزارة ان تراقب الفيلم من جهة المحتوى فقط تتأكد من انه تم وفق عقد الدعم المبرم والذي بمقتضاه نال الدعم
اذا عرض الفيلم داخل تونس او خارجها لا دخل للوزارة فيه
اما فيما يتعلق بالفيلم الذي شاركت فيه امينة فيمن ونال التانيت البرنزي فانه اثار مشكلا طرح بحدة بعد الثورة وهو مشكلة المثلية الجنسية كما برزت امينة فيمن واثارت زوابع ومشاكل واتضح ان وراءها جهات مشبوهة تحركها واقرت هي نفسها بذلك ...طبعا كل هذا يصلح ان يكون مادة لفيلم وثائقي ويجدر ان تعرف الاجيال القادمة ماذا حدث في وقت ما في بلادنا وماذا نتج عن الحرية
منذ ايام حضرت ندوة صحفية عن دين جديد في تونس هو اادين البهائي وطالب اصحابه بضرورة اعتراف الدولة بالدين الجديد وطالبوا بمقابر لهم غير المقابر الاسلامية
ومازلنا سنسمع العجب العجاب وسنشهد الغرائب التي لن يقدر لاوزير الثقافة منعها ولا رئيس الحكومة ولا رئيس الدولة ....لان الدستور يسمح بذلك ويمنح الخق للجميع دون تمييز ودون قيد او شرط
لماذا نحمل وزارة الثقافة المسؤولية؟ 
لنفترض ان الوزير تدخل للرقابة او المنع او الحجز ...الخ ماذا سيحصل ؟ وكيف ستكون ردة الفعل؟
هذا الى جانب ان امينة فيمن لم تنل الجائزة ولم تتوج وانما الذي توج هو الفيلم والصورة التي فيها امينة فيمن بوصفها مشاركة في الفيلم كمثلية قدمت شهادة عن تجربتها التي نختلف معها فيها ونرفضها اصلا ولكن لا يمكن تجاهلها كما لا يمكن ان تتفاعل السينما مع هذه الظواهر مثلما تفاعلت السينما مع شلاط مؤخرات النساء او مع اعوان الامن الذين اغتصبوا فتاة حيث استمدت السينما مادتها من واقعنا العفن نعم نحن نعيش واقعا عفنا وانتقالا مخيفا لا قبل لوزير الثقافة به ولا لرئيس الحكومة اوغيره
مشاكل الثقافة اعقد بكثير من هذه المسالة التافهة ونقول لهؤلاء ان كانت لكم غيرة على الثقافة فعلا فلتعلوا اصواتكم للمطالبة بمضاعفة ميزانية وزارة الثقافة التي ستنقص منها الحكومة عشرة بالمائة سنة 2018 نتيجة سياسة التقشف
ميزانية متردية اغلب مصاريفها للتسيير والبنية التحية متردية ووضع المثقفين على أسوأ حال والبعض يريد ان يجعل من مشكلة حصول فيلم شاركت فيه امينة فيمن ونال الفيلم جائزة مشكلة الثقافة ؟ انها فعلا مزايدات رخيصة لا تخدم الثقافة وانما تخدم اجندات اخرى لا يعلمها الا الحلزون

تعليقات