الجامعة التونسية تحتفل بالرواية التونسية

الجامعة التونسية تحتفل بالرواية التونسية
                                                         
احتضنت قاعة محمود المسعدي بكلية 9 أفريل للآداب والعلوم الإنسانية صبيحة يوم الجمعة 15 ديسمبر الجاري مناقشة أطروحة دكتوراه للأستاذة آمال حامد تحت عنوان ـ الرواية التونسية 1985 ـ 2005) اتجاهاتها وإشكالياتها، تحت إشراف الدكتور رضا بن حميد، وترأس اللجنة الدكتور بوجمعة بوشوشة.
هذا وكنت ضمن الدعويين لهذه المناسبة، وبحضور الأديب عبد الواحد براهم، حيث كنا محل حفاوة من قبل لجنة مناقشة الأطروحة، علما وأن المقاربة تضمنت تسع روايات تونسية عربية اللغة، وهي على التوالي كما وردت بفهرس الرسالة:
ـ قبة آخر الزمان لعبد الواحد ابراهم.
ـ قنديل باب المدينة لعبد القادر بالحاج نصر.
ـ على نار هادئة لمحمد الباردي.
ـ النخاس لصلاح الدين بوجاه.
ـ ليالي القمر والرماد للناصر التومي.
ـ وقائع المدينة الغريبة لعبد القادر العش.
ـ راس الدرب لرضوان الكوني.
ـ دار الباشا لحسن نصر.
ـ دانتيلا لمحمد علي اليوسفي.
   وهذا وقد قامت الأستاذة بتقديم أطروحتها، مشيرة أن البداية كانت تحت إشراف المرحوم الدكتور محمد الباردي الذي فقدته الساحة الثقافية والجامعية، ولما أحيل التقاعد حولها إلى الدكتور رضا بن حميد الذي أكمل معها درب إعداد الأطروحة، وكان الباردي دائم السؤال عن مسار الرسالة، وموعد مناقشتها قصد حضور فعالياتها، لكن المنية كانت أسرع.
من النقاط الهامة التي سجلناها من خلال مناقشة اللجنة لهذه الرسالة هو تخوف أحدهم من خوض الطالبة آمال حامد لمشقة الحفر في هذه المرحلة من الأدب التونسي، حيث تهيب بعضهم الخوض فيها للمشقة والصعاب التي ستعترضها،  والإخفاق قد يكون أقرب إلى النجاح في هذا العمل، لكن آمال حامد خاضت هذه التجربة بنجاح، وكانت إيجابياتها تفوق سلبياتها، مع الإشارة لعدم تبريرها للحدود الزمنية التي درستها في رسالتها إلى سنة 2005، حيث أشارت في تقديمها للرسالة أنها بدأت من حيث انتهى الدكتور مصطفى الكيلاني في دراسته للفترة الممتدة من سنة 1964إلى سنة 1984 تحت عنوان ـ إشكاليات  الرواية التونسية سنة 1990.
  كما أضاف المناقش أن الخوض في اتجاهات الرواية التونسية وإشكالياتها يتطلب انتظار مرور ما يقارب المائة سنة حتى تكون المدونة أكثر زخما ونضجا وبالتالي يمكن الحكم عليها بأكثر روية، لكن اقتراب هذه الفترة الزمنية من التحقيق فيها يعد من الصعوبة بمكان للحكم لها أو عليها، لكن الطالبة آمال حامد خرجت بأقل الأضرار من هذه الدراسة الرسالة.
ولعلنا نفتح قوسا على هذه المسألة بأكثر توسعا، لقد عشنا طيلة أكثر من خمسة قرون ونحن نصدم برأي يتبناه أغلب الجامعيين القدامى من أن ندرة الرسائل الجامعية عن الأدب التونسي مأتاه عدم وجود أدب تونسي، وتطور هذا العذر بعد جيل آخر مفاده أن المدونة غير كافية للعمل عليها ضمن رسائل جامعية، وكان لا بد من انتظار عشرينية التسعينات وما بعدها لكي يسمح للطلبة باختيار العمل على الأدب التونسي وباحتشام كبير، وهو ما أثر على المدونة النقدية فكانت الرسائل التي تطرقت إلى الأدب التونسي لا تعد على أصابع اليد الواحدة وخاصة في مرحلة الدكتوراه.
والحقيقة أن الأساتذة الجامعيين كانوا يتهيبون من الإشراف على رسائل تتضمن المدونة الأدبية التونسية المعاصرة لعدم اطلاعهم عليها بدرجة أولى، وثانية لسهولة العمل على المدونة المشرقية خاصة، لكونها كانت ضمن ما درسوه وهم طلبة، لذلك فإن التاريخ الأدبي عندهم يقف في هذه المرحلة، وبالتالي استمر هذا الشأن ضمن طاحونة الشيء المعتاد، ومقولة المثل الشعبي حالهم كحال قنديل باب منارة ما يضوي كان على البراني، أما من هم داخل مدينة الرواية التونسية فمحرومون من حقهم قبل غيرهم من دراسة أدبهم المحلي التونسي كيفما كان، ووصل ببعض الأساتذة الجرأة لثني طلبتهم على اختيار مادة رسائلهم عن الأدب التونسي، ولعل هذا الأمر كان الأجدر أن يكون محل قرار سياسي، وكذلك قرار جريء من لدن السياسة التربوية والثقافية للتعليم العالي، فلا يترك للأهواء والميولات الشخصية والدوافع الغير موضوعية الخالية من طاقة الإقناع والتبرير.
  امتعضت أنا والأديب عبد الواحد ابراهم من هذه الملاحظة التي لا تزال تسري في أجيال الجامعيين إلى حد هذا التاريخ، والتي تعد غمطا لأحقية الأدب التونسي بالتناول ضمن الرسائل الجامعية، وإن انفلتت بعض الرسائل وشذت عن الطوق، فذلك لأن المشرفين عليها كانت لهم نخوة وطنية جعلتهم يثورون على السائد الظالم.
وقد أجمعت اللجنة أن الطالبة آمال حامد ينتظرها مستقبل كبير في الجامعة التونسية لما أظهرته من خلال رسالتها هذه بتفوقها المنهجي والمعرفي وحتما ستستفيد الجامعة من ذلك وكذلك الأدب التونسي.
  لقد طالت المناقشة من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الثانية بعد الزوال، وأسفرت تتويج الطالبة آمال حامد بشهادة الدكتوراه بملاحظة مشرف جدا مع التوصية بنشر الرسالة، فكانت سعادة الطالبة آمال بالتوصية بالنشر للرسالة تفوق ما انتظرته من ملاحظة مشرف جدا.
  فهنيئا للطالبة آمال حامد بهذا النجاح، وهنيئا للأدب التونسي بهذا المنجز، ونهيب بالأستاذين الجامعيين الجليلين محمد الباردي ثم رضا بن حميد اللذين أشرفا عليه تباعا، والذي حتما سيثري المكتبة النقدية التونسية، ولعله فاتحة خير لرسائل جديدة تشمل كل الأجناس الأدبية من شعر وقصة قصيرة ورواية ومسرح وغيرها من الفنون.
 
                                            الناصر التومي

تعليقات