لميس

علامات 22                           بقلم رياض المرزوقي


59 - لميس                              " هل كانت أيامي إلا أحلاما ؟ " ادغار آلان بو

ليست لميس من محبوباتي في الحقيقة ولا الخيال , بل إنني لم أعترض هذا الاسم في
حياتي , ولكنني مفتون بصاحبته .
قرأت في طفولتي , ودراستي الثانوية كثيرا من الأدب المعرب عن الانجليزية ,
وكنت مغرما به بشكل خاصّ . ولعلّ " آليس في بلاد العجائب " للويس كارول من
الكتب التي عشت في ظلها لسنوات .
قرأتها , وأعدت قراءتها , وتوجهة إلى ترجمتها الفرنسية أولا , ثم حاولت أن
أقرأها في لسانها الأصلي , وأخيرا , تصديت لتعريبها .
وكانت حلقات ( هند في بلاد العجائب ) التي قدمتها في الإذاعة الوطنية بلا
إمضاء ( وكنت أشغل إدارة الإذاعة الوطنية ) . وجدت في إعداد نصوص هذه
الحلقات متعة لا حد لها , وكذلك في إخراجها , واختيار الموسيقى المصاحبة ,
ولست أعلم مصير هذه التسجيلات والغالب في ظني أنها محيت للأسف الشديد !
ثمّ راجعت تعريبي لها وأدخلت تنقيحات منها تغيير اسم البطلة ( هند ) ب( لميس )
وهو في الجرس أقرب إلى ( آليس ) .
( لميس ) طفلة ترى بين اليقظة والنوم أرنبا يسرع الخطى , ويمسك ساعة , يعود
إلى عقاربها كل لحظة لأنه تأخر عن موعده . هذا هو المشهد الأول من هذه القصّة .
وتسقط ( لميس ) في بئر بلا قاع لتجد في خاتمة رحلتها عالما موازيا عبثيا أعتبره
من أجمل ما صوّر في الأدب العالمي .
وتقول الدراسات إن القصّة موجّهة إلى الأطفال , وأزعم أنها تحوي بذور نظام فكري
كامل يخاطب الكبار .
تقول لميس
" ما أغرب كل شيء اليوم , والحال أن الأمس مر بصورة عادية , إني أتساءل
إن لم يتمّ تحويلي خلال الليل , هل كنت الشخص نفسه عند ما استيقظت صباحا ؟
أعتقد حقا أنني أحسست انني مختلفة قليلا , ولكن إذا كنت غير ما أنا , يطرح
سؤال , من أنا ؟  "
ويقول العجوز المنتصب على رأسه وقدماه إلى أعلى
" أفعل هذا , لأني لم أعد أخشى على عقلي , فقد تبينت أنه لا عقل لي ! "
وأغلق الكتاب , وأسأل نفسي الأسئلة نفسها , ولا أجد الإجابة !

تعليقات