الصورة.....واللون

علامات 19                       بقلم رياض المرزوقي

( العلامات روح الطريق )
*********************************
52 - الصورة ... واللون                    "في الجفن حلم أخضر     في القلب شوق أحمر
                                                                     في الليل وهم أسود      مستتر , مستتر " ر . م

تنعقد هذه الأيام ندوة بقسم الفرنسية كلية منوبة حول الألوان . ولقد أهاج هذا الخبر فيّ
نزعة عتيقة إلى دراسة هذا الموضوع في الأدب والفن . وأنا عاشق للألوان من صغري
أبحث عنها في النصوص , وأبحر معها في اللوحات , محاولا التفريق بين درجاتها
المختلفة . وقد سبق أن كتبت نوعا من المعجم حولها يحوي ثلاثمائة مادة أو تزيد
وعدد الألوان في الحقيقة يقارب الألف إذا ما اعتبرنا أن كل لون من الألوان السبعة
الرئيسية يتفرع إلى عشرات الدرجات , وإلى أكثر من ذلك إذا اختلط بلون آخر أو لونين .
والألوان هي ما يمنح الحياة بهجتها , ووقعها في النفس يماثل وقع الأحاسيس ,
فهي تثير , وتفرح , وتغضب , وتحزن , وتنشر الهدوء , وتزرع الشعور بالسمو
أو الانغلاق , وتعبر عن الحرية , والثورة , والهناء , والقدرة , والألم ....الخ
والرسامون يعرفون التفريق بينها , ومزجها , والتخفيف منها , أو تشديدها ,
ويفجرونها تارة , ويسكنونها أخرى , حسب ما يعتمل في أفئدتهم , أو ما يحاولون
إثارته في مشاهدي صورهم .
فهم بالأساس " صنّاع ألوان " تماما كالشعراء .
ويعرف الرسّامون أن لكل عصر ألوانه , وأن صناعة الألوان تتغيّر من قرن لآخر ,
فبعض الفوارق اللونية قديمة , وبعضها من نتاج عصور متأخرة , وهذه النقطة هي من 
بين ما يعتمده الخبراء للكشف عن التزييف في اللوحات المنسوبة إلى أعلام الرسم .
لقد كان جدودنا أكثر دقّة في تعبيرهم عن الألوان منّا , فنحن نقول مثلا أحمر  
وهم يضيفون تدقيقا كقولهم أحمر يماني , ومرجاني ,وعكري , وقرنفلي , وشرابي ,
ولون الدم , والقرمز , الخ ,
أختم كلامي هذا , وأصداء قصيدة لرامبو تتردد في رأسي
بين حركات
A  E I U O
وألوانها كما وصفها الشاعر سوداء - بيضاء - حمراء - خضراء - زرقاء 
ولكن رامبو لم يتحدث عن اللون المطلق الذي يبحث عنه جميع الشعراء والرسامين
ولا يجدونه رغم عملياتهم الكيمياوية المتكررة , إنه اللون بلا صورة , ولا شكل , ولا
حروف !










تعليقات