حسن نصر شاعرا

من لا يعرف حسن نصر عن قرب لا يفهم ديوانه الشعري البكر ب اعتقد انه الاخير لأن صاحبنا كرس حياته للحكي وفتن باساليبها حتى انه تردد كثيرا قبل نشر ديوانه الجديد بل كان سيلقي به الى النار -لولا رحمة من ربك -

عنوان المجموعة الشعرية : اعياد الفصول امتدت صفحاته على اكثر من 120 واختلطت قصائده بين الموزون والمنثور وهو الى عري الكلام أوصل فالفكرة هي هم صاحب الديوان وهو لا يعبأ بالعبارة ولا تهمه اساليب البلاغة من تشبيه واستعارة وكناية ومجاز وتورية ...الخ بقدر ما يهمه قول مايعتمل في النفس كمن يريد ازاحة حجر على الصدر ويتنفس الصعداء

بقدر هدوء الرجل البادي على سحنة وجهه المطمئن وضحكته الساخرة فان بركانا يعتمل بداخله وهيجانا تدركه اذا جلست اليه وحاولت نبش صمته واستجلاء مكنونه
يكره حسن نصر الحاكم والسلطة والقمع والرقابة  والتسلط والجور وقد عبر عن ذلك في السرد قصة او رواية وقلت ان اغلب  اعماله فيها ذكر لليل بكل ماتعنيه الكلمة من رمزية للظلم والقهر والاستبداد والجهل والتخلف ...الخ وهو في هذه المجموعة يؤكد المسألة نفسها فقد احتفى بالحرية احتفاء حتى انه يمكن اطلاق اسم اخر على هذه المجموعة : اشعار للحرية او اغاني الثورة وليس هذا من باب المزايدة او محاولة للركوب على ثورة 14 جانفي 2011 وانما معرفتي بالرجل منذ بداية سنة 2000 تجعلني اقول هذا دون تردد اذ اعلم انه يكتب الشعر منذ ذلك الزمن بل قبل ذلك بكثير كما واعلم مواقفه من السلطة الحاكمة فقد كان يتردد على مكتبي الكائن بنهج شارل ديقول وكان يبثني نفاثة صدره ويتركني في هم وغم قبل ان يعود الى ضاحية الزهراء
في هذا الديوان ذكر متعدد للقطار فقد كان شاعرنا يستعمل في ذهابه ورواحه القطار الرابط بين الزهراء وتونس العاصمة وربما كتب اشعاره في فترات سفره ولكنه استغل رمزية القطار الذي يشق طريقه بقوة وثبات الى الامام وكان لا نهاية له او هو يقصد مجهولا  ويدوي في الخلاء بصفيره ولا يقف في طريقه كائن من كان ....كسفينة نوح يحمل اصناف خلق الله ويتحدى  بهم المجهول لينطلق بهم كمن يهب لحرب
واذ يصفر القطار من بعيد
واسمع ازيزه
ثم يمر مسرعا
يطوي المدى ويعبر
التفت بالنظر تجاهه أشيع
احسه لمن احب يهرع
احس قلبي يخفق
يكاد من مكانه يقتلع
احسني
مع القطار ارحل
ليس من باب الصدفة  اختار ان يفتتح الشاعر ديوانه بهذه القصبدة التي تحتمل اكثر من دلالة وقد تكرر ذكر القطار عدة قصائد اخرى مثل :
في المحطة ، على رصيف المحطة ، عمال السكة ، مسافر ، اخر المحطة ، تذكرة ذهاب .
كل هذه القصائد كتبها الشاعر عن القطار ومحطة القطار وركاب القطار فضلا عن قصائد أخرى ذكر فيها القطار مثل :
الليل والمطر ، وكنت ..
فكرة الحرية هاجس يلح على فكر الشاعر ووجدانه من اول الديوان الى  اخره
ينام كل من في الكون
الصقر في قمة الجبل
وسمك السلمون في قاع النهر
وسلحفاة البحر
ينام الحوت الابيض في الأعماق
وشجر البلوط في الغابة
ينام الدود والحجر
وأبقى وحدي السهران
انتظر على الجمر
فكم طال بنا السهر ؟
وقد شابت ليالينا فلا نار ولا خبر
متى ياحريتي تصل ؟
متى ياسليلة الانسان تنتفض
وتخلع باب قلعتنا واقفال سلاسلنا
متى تلبي دعواتنا
فنلقاك ونحتفل

تتكرر القصائد من هذا النوع كثيرا في ديوان حسن نصر ناشدا الحرية باحثا عن العدل غير يائس من تحققه ذات يوم
اتبع في قصائده الطرق الجديدة في كتابة اشعاره فقد عنون كل اشعاره وذيل اغلبها بتواريخ كتابتها واهمل التواريخ احيانا وذكر اماكن الكتابة احيانا اخرى بل ومناسبات الكنابة ففي قصيدة عبر المدى الواردة في الصفحة 89 قال انها كتبت سنة 1962 يوم ركبت البحر اول مرة
كنب عن عربة البوعزيزي وغيرها من المواضيع العامة وبعض الالماعات عن شأنه الحميمي فجاء هذا الديوان شهادة على روح ثائرة لكاتب لم يهادن ولم ينافق احب الكتابة فمنحها من ذاته وكتب خلاصة ما احس وشعر حتى لا يمضي في صمت ويسجل للتاريخ شهادة على عصر لم يعش فيه كما يحلو له ان يعيش ولكنه قال فيه كلمته عندما استوجب قولها ومضى
في الديوان خير كثير وهو وثيقة تضيء لنا خفايا قد تساعدنا على فهم اسرار سارد وفنان كبير يدعى حسن نصر  

تعليقات