قراءة في مسرحية الملك لير لفتحي العكاري(2)

                                وعدنا بالعودة الى الحديث عن مسرحية الملك لير لشكسبير التي اخرجها فتحي العكاري وذكرت ان هذه المسرحية تم تقديمها في مصر من طرف فرقة المسرح القومي وسالنا العارفين والمتقدمين من اهل الذكر في تونس هل سبق ان تم عرض هذه المسرحية في تونس من طرف اي مخرج او فرقة اما محمد مومن فقد قال : لا ..ولكن يبدو انها قدمت من طرف فرقة هاوية وقال ان عديد المخرجين التونسيين تمنوا اخراجها وكانت حلما من احلامهم
                      واما حمادي المزي فقد قال : لا لم تقدم اي مرة وكنت اعتزم اخراجها ولكن لما علمت ان فتحي العكاري ومركز فن العرائس يعتزمان اخراجها تراجعت

                     المهم ان العرض تم مساء البارحة على الساعة السابعة مساء في قاعة سينما الحمراء الكائن مقره بنهج الجزيرة بتونس العاصمة وقد حضر جمهور غفير غصت به القاعة حيث افتتح فتحي العكاري اللقاء بدعوة الحضور الى الوقوف دقيقة صمت ترحما على روح عزالدين قنون مؤسس فضاء الحمراء ثم انطلق العرض
                      صفير ريح وامواج بحر وشخوص يتحركون وراء ستار شفاف جيئة وذهابا ثم يخرجون فجأة وفي ايديهم فوانيس مضيئة يحدثون بها حركات انفعالية
شخصيات المسرحية - تقريبا- كلها نساء اذ تبدأ المسرحية بدخول فتحي العكاري ليسلم معطفه الصوفي الوثير الى مريم العكاري التي تتقمص دور الملك لير
                   هي رؤية اخراجية ربما قصد من خلالها المخرج تكريم المرأة فقد كان المسرحيون التونسيون في بدايات الحركة المسرحية ببلادنا يتقمصون شخصية المراة لانه لا وجود لنساء يقبلن الصعود على الركح والتمثيل امام مجتمع ذكوري اما اليوم فقداصبح لنا فائض من الممثلات الى درجة غياب الرجل عن الركح وتقمص المرأة  لشخصية الرجل
                     لقد حافظ فتحي العكاري على الهيكل العام للحكاية ولكنه تعمد اخفات صوت الشعري فيها على حساب الاعلاء من السياسي حيث اسقط على الحكاية الاصلية اصواتا من الواقع فلم يكترث بالموسيقى التي غابت الا من خلال اصوات البحر والريح والرعد الى جانب عدم التشتغال على الضوء اما الديكور فبعض الكراسي التي لاتظهر الا مرتين طيلة العرض وحتى الازياء هي نفسها في جميع الاوضاع ومختلف المشاهد المقترحة
                      هي مسرحية عارية من كل شيء وفي العربية نسمي المراة التي لاتلبس الحلي امرأة عاطل وقياسا على هذا نقول انها مسرحية عاطل
                        لا ديكور ..لا موسيقى...لا اضواء ..لا ملابس ...ربما اختار المخرج تعرية الواقع وفضح عراء الوجود لان فلسفة المسرحية تقوم على تعرية زيف المشاعر وتناقض الانسان وتهاويه وانهيار القيم الانسانية
هي تنطلق من الفكرة الشكسبيرية ولا تعيد مسرحية شكسبير هي قراءة في مسرحية الملك لير الذي اوصله البحث عن الحب الى نهاية مذلة فالمال ممكن والسلطة ممكنة ولكن الحب غير ممكن ومااقسى لحظات الاحساس بعدم القدرة على تحقيق شيء في الوقت الذي تتوهم انك الاقدر على تحقيق كل الاشياء
هي خيبة الانسان ونهايته المأساوية لذلك عرى فتحي العكاري نساء مسرحيته وماعريهن الا دلالة على عرينا نحن الذين نشاهد ونتفرج والاحرى ان نتفرج على ذواتنا ونتامل عري انفسنا
مسرحية جديرة بالمشاهدة ...هي مغامرة اخراجية ورؤية فنية

..

تعليقات