جماعة تحت السور 3

بقلم : محمد المي

ورد تعريف بهذا المقهى في مجلة المباحث وهو تعريف طريف نورده حتى يفهم القارئ الاجواء التي تحيط بهاته " القهوة" المعلم :

" البانكة العريانة  مقهى بحمد الله من تلك المقاهي  التونسية التي حافظت على طابعها إلشرقي  والمنبثة هنا وهناك  في أنحاء عاصمتنا الخضراء
ولست أدري لماذا سميت هكذا  فإنه لا يرتادها  سوى الأدباء او بعض الصعاليك أحباء السبسي حين يتوحدون بسطحها  والأدب والمال كما  يعلم ذلك حضرات القراء لا يجتمعان كتبت عليهما القطيعة الى الابد ودفاتر حساب القهواجي تنبؤنا لو تصفحناها بأن لبعض الأدباء فيها حسابا جاريا..كحساب مصطفى الحالم في خضم الحسابات المتنوعة
وان لم تكن هاته البانكة اليوم مصرفا ماليا فلعلها كانت في سالف الأيام  أما الآن فهي على التحقيق مصرف فكري او فلنقل مصرف من مصارف ابولو الاغريقي الوديع
اما ان يكون هذا المصرف عريانا سافرا فلست أفقه ولا أعلم  سببا لهذا النعت الذي بقي عندي  وسيبقى سرا غامضا مابقي مؤرخ عاصمتنا الأستاذ ( قرقندرلفو) أظن هكذا يدعى  لا يكتب إلي برسالة خاصة فاضطر إلى قراءتها باحتقاب مارزقت من صبر وهو زهيد نافد ولعلي أنتهي بذلك  إلى استجلاء السر..."

وقد كان يرتاد هذا المقهى شيخ الادباء محمد العربي الكبادي ( 1880 - 1961) ويعقد به مجلسا ادبيا يوميا فيتحلق حوله رموز الصحافة والسياسة والادب ومنهم نذكر : حسين الجزيري والطيب بن عيسى ومحمود بورقيبة وجلال الدين النقاش والطاهر القصار  ومحيي الدين القليبي وعثمان الكعاك والطاهر الحداد والهادي العبيدي وعبد العزيز العروي ومصطفى خريف وزين العابدين السنوسي وعلي الدوعاجي ...الخ
وقد لعب هذا المقهى دورا في الحياة الادبية والفكرية وخرجت منه عديد الافكار والمشاريع بفضل النقاشات التي كانت تدور فيه
لقد كان العربي الكبادي او شيخ الادباء رأس المجلس الذي يتحلق حوله الجميع وتلتقي عنده الاخبار وتتوزع منه الافكار وتنشأ الخلافات في مجلسه ويعقد  الصلح بين المتخاصمين ....الخ
لقد تميز ذلك المقهى بنوعية حرفائه والاغاني التي كانت تسمع فيه فهي إما مشرقية وافدة او يهودية تونسية الشيء الذي دفع ببعض المترددين على مجلس الشيخ الكبادي يختارون الانشقاق واختيار مقهى آخر وتكوين مجلس اخر فكان مقهى تحت السور

تعليقات