جماعة تحت السور (5)

بقلم : محمد المي

ثاني الملاحظات ان اغلب جماعة تحت السور من نجوم الصحافة والاعلام فهم ليسوا نكرات بل هم من صناع الرأي ويمثلون بشكل او اخر سلطة فكرية ولنتصور اثر الصحافة في تلك الفترة التي كانت فيها الجرائد هي المصدر الاول والرئيس للخبر اذ لم يعرف المجتمع التونسي في ذلك الوقت غيره من وسائل الاعلام فماذا لو عرفنا ان اغلب اعضاء الجماعة اسسوا جرائد

علي الدوعاجي صاحب جريدة السرور

الهادي العبيدي صاحب جريدة الصريح فالفرززو

مصطفى خريف صاحب جريدة الدستور

عبد العزيز العروي صاحب جريدة الهلال ( فرنسية)

محمد العريبي صاحب جريدة صبرة

عبد الرزاق كرباكة رئيس تحرير جريدة الزمان

عز الدين بلحاج صاحب جريدة البوق

محمد بن فضيلة صاحب جريدة الوطن

محمود بيرم التونسي صاحب جريدة الشباب

وسنعرض الى التعريف بهؤلاء الاعلام علما علما وبجرائدهم والدور الذي اضطلعوا به لأن اختصارهم في كونهم من الحشاشين والمسطولين فيه الكثير من الحيف اذ ان نمط حياتهم كان احتجاجا على الوضع السياسي والاجتماعي والتربوي والثقافي وسنثبت هذا الزعم لان غاية هذا البحث تسعى الى تعديل العديد من التصورات الشائعة حول الثقافة التونسية فما كتبه اعلام تحت السور يفند هذه المغالطة . وقد اشرنا الى ان اتخاذهم مقهى تحت السور كان احتجاجا على  نمط الاغنيةالرائجة مثلا وفي معرض حديثا عن سير ابطال الجماعة سيتحقق القارئ مما ذهبنا اليه
ان اختيار جماعة تحت السور شكل الحياة البوهيمية هو اختيار واع
لقد وصف الدوعاجي علاقة الجماعة بنادل المقهى فقال :
" لا تدوم خدمة ( غلام ) بمقهانا اكثر من اسبوع يترك بعده المقهى غير اسف ، ويركب رأسه للتفتيش عن عمل اخر ، او حتى الى الاشغال الشاقة ، فهي أحب اليه من عمل بلا فائدة . ومعنى ذلك ان كل رواد المقهى من اهل الفن او الادب ينفحون الغلام بالبقاشيش الملوكية يوما ويحتسون تايه لبقية الاسبوع ولا يفيد المسكين في ذلك لا وعيده ولا دموعه . ونحن معذورون في ذلك فعملنا غير منتظم وجيوبنا بين جزر ومد دائم 

لم يدر من اين تؤكل الكتف الا غلام واحد يسقينا من بقراجة قهوة وحليبا ، ويقرضنا السقاير اللازمة لاحتسائهما ، ويروغ عنا كما يروغ المرابي عندما يرى احدنا عائدا من ادارة جريدة او من حفلة غنائية ، فالسبعة تتضخم الى خمسة عشر ندفعها عن طيب خاطر في جو مملوء بحسن التفاهم ، وكل منا فرح بنصيبه ، قانع بمعاملة الاخر . وكان خادم مقهانا هذا يعرف كلا منا باسمه، وغاياته ، وساعات يسره وعسره ، يبتسم للقادم ، ويودع الذاهب ، ويقرضنا اجر الترام ، وقد ارتسمت على شفتيه المورمتين ابتسامة من يود ان يقول : ( خذ ما شئت انا اعرف كيف اغرمك الثمن ضعفين ) والعجيب في امره انه مولع بتطويل شاربيه في عصر حلقت فيه الشوارب واللحي الا ان شواربه العنيدة لا تثبت الا على الطريقة ( الصينية ) اعني حول طرفي فمه بحيث لا يمكن ان يجعل منها ( شائكات قلوب ) بحال . فهو دائم الحرب معها مثلما هو قليل ( الهدنة ) مع زبائن المقهى ."

تعليقات