جماعة تحت السور(15)

بقلم : محمد المي

محمد العريبي 1946/1915

من أصل جزائري ولد بنونس العاصمة في غرة مارس سنة 1915 بنهج الغني الواقع قرب باب منارة عكس ما يذهب إليه  محمد الهادي بن صالح الذي يقول إن  هذا النهج يقع في دائرة باب العسل وقد دعوت مرارا وتكرارا إلى أن يحمل هذا النهج إسم العريبي ولكن  لاحياة لمن تنادي وهذه عادة تونسية بامتياز.
وتاريخ الولادة هذا مختلف فيه فالعريبي يعتقد أنه ولد سنة 1913 وزين العابدين السنوسي يرى أنه من مواليد عام 1917
يقول العريبي عن ذلك :

"قال لي الوالد رحمه الله : انت أصغر من اخيك الشاذلي بسبعة أعوام،  وهو من مواليد عام واقعة عمر بن عثمان . فهل يعني الوالد أنني من مواليد 1913؟ ولكن ؟ من الذي قرر أني ولدت سنة 1915 ؟ لا أدري...'

درس العريبي في كتاب سيدي الفهام بباب منارة ثم التحق بالمدرسة الابتدائية الفرنكو اراب -
franco- arabe
ثم تابع دراسته بالجامع الأعظم جامع الزيتونة المعمور ولكنه لم يتم دراسته به
ظهرت أول كتاباته في مجلة العالم الأدبي وقد وصفه السنوسي بقوله :

كان شابا دون العشرين قد بدأت لحيته تنبت ولم يقطع منها شيئا ولا هذبها ...وهو في برنسه قد التف
لفة شاملة لا تظهر منه إلا يد واحدة ترفع كراسة صفراء .

وقال عنه مصطفى خريف :

في دار العرب عرف علي الدوعاجي فقدمه بدوره الى جماعة تحت السور الكائن بباب سويقة . وهذا المقهى لا يمكن أن يكون وسطا ملائما لتلميذ همه الدرس والتحصيل . فبالإضافة إلى موقعه المحاذي لحي البغاء "سيدي بن نعيم " فجل رواده في تلك الآونة من المتأرجحين بين شذوذ السلوك وشذوذ العبقرية .
جماعة تنشد الهروب من واقعها المتردي فتنغمس في ملذاتها .وإن لم يكن جلهم في مأمن من الحاجة المادية " ...من الشباب التونسي تخلص لفنها ولرفاقها اخلاصا عجيبا ...تشابهت في الفلس وحب الفن والشيخات "

لم يكن التعليم يعنيه بدرجة كبيرة فقد كتب في جريدة تحت السور:

"..ماقريناش اش باش نعملوا ؟ واللي ماقراش اش بيه عار ؟ هاهم بشهايدهم وهوما ملوحين في المقاهي يلعبوا في الكارطة .."

هاهنا نتوقف قليلا لندرك أن العريبي كان على وعي حاد بضرورة متابعة التعليم غير أن الظروف حتمت الانقطاع عنه فالتعليم يجب أن ينتهي بالمتعلم الى وظيفة أما إذا انتهى به إلى البطالة فمالجدوى منه؟
فنحن نعلم أن التعليم في تلك الفترة كان على غاية من التدني وقد نادى الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (1973/1879) بضرورة إصلاح التعليم الزيتوني في كتابه الشهير " أليس الصبح بقريب" الصادر سنة 1910 وأضرب طلبة الجامع سنة 1929 وصدرت مطالبهم في لائحة حررها محمد صالح المهيدي وكتب الطاهر الحداد كتابا كاملا عن إصلاح التعليم الزيتوني وكتب محمد المهدي بن الناصر ( 1967/1897) عدة مقالات في الغرض إضافة الى تدهور أوضاع المجتمع الاقتصادية وقد ذكرنا بعضها سابقا فإنها لا تشجع على مواصلة الدراسة ومتابعة التعليم يقول العريبي:

مات والدي وترك في عنقي عائلة تتركب من والدتي وأختي وأخ أكبر مني ...مات وتركنا شبه فقراء.."

تعليقات