جماعة تحت السور (16)

بقلم  : محمد المي
وجد العريبي نفسه أمام مسؤولية أعالة والدته وإخوته  فانقطع عن التعليم ليعمل في " المصرف التجاري الاسلامي" بسوق القرانة( وهو حي كان يقطنه يهود تونس الذين قدموا من إيطاليا في القرن السادس عشر من ليفورنيا الايطالية ) .
دام عمله بالمصرف المذكور سنتين متتاليتين بعدها التحق بدار العرب الكائن مقرها بنهج السيدة عجولة لصاحبها زين العابدين السنوسي وقد طالبت عديد المرات ان توضع رخامة على مقرها الحالي الذي تحول الى محل نجارة وكالعادة لا من مجيب.
في دار العرب اشتغل العريبي في مجلة العالم الأدبي التي نشر فيها بواكير إنتاجه الأدبي من قصة وشعر فكانت أول قصة قصيرة له بعنوان : عزيزة 
وقد أبان العريبي في هذه القصة على قدرة كبيرة في استبطان الشخصية وتحليل الشخصية تحليلا نفسيا عميقا كأنه عالم من علماء النفس لا يكتفي بالظاهر بل ينفذ إلى الأعماق
شخصيتة الاقصوصة مومس وقد قدم الجانب الإنساني فيها محاولا إبراز الوجه الآخر للإنسان الذي قسا عليه الدهر فاستقر في الأذهان مشوها والحال أن ذلك الكائن يكتنز مجهولا في داخله.
وقد تخلص العريبي الى المزاوجة بين السرد والحوار واستطاع أن يجعل من الحوار دافعا لتطوير القص .
هذه الأقصوصة قدمها زين العابدين السنوسي على هذا النحو:
"عرف قراء العالم الادبي ابن تومرت كشاعر متمرد وقد جاءنا اليوم فإذا به الروائي والكاتب  ولم يكتف بذلك حتى قطع على نفسه عهدا لدينا بأن يثابر لدينا على امداد قراء العالم الأدبي بسلسلة من الأقاصيص
تبين موضوعة ومترجمة وهي بشرى طيبة لا نتمالك عن إتحاف القراء بها"
هنا نرغب في التوقف عند الإسم المستعارالذي كتب به العريبي أشعاره ومقالاته وهو : ابن تومرت هذا الاسم أمضى به أشعاره أيضا شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء(1908\1977) وهو لقب مقتبس من القائد الإسلامي مؤسس الدولة الموحدية محمد بن تومرت المهدي (1077\1130) وهذه التسمية تدل على الاعتزاز بالانتساب إلى الجزائر؟  ورغم ذلك سنجد مايؤكد شدة حب العريبي لتونس وتعلقه بها

تعليقات