جماعة تحت السور (17)

بقلم : محمد المي
وبما أننا ذكرنا مفدي زكرياء فإن هذا الشاعر كانت له صلة بجماعة تحت السور وان لم يكن من نجومها ولا من أبطالها البارزين وقد أقامت له رابطة القلم الجديد في شهر أكتوبر 1961 تكريما بمناسبة طبع ديوانه:
"اللهب المقدس " فألقى قصيدة عنوانها:   " أمانا أيها الشعراء " هذا بعض ماجاء فيها :

سل الهادي (يقصد العبيدي) أيذكر كيف كنا
                                     نشاوى..مالمطمحنا حدود
تميل بنا الصبابة للتصابي
                                    وتلهمنا البراعم والنهود..
نناجي عبقرا في ( السور) صبحا
                                    ويسكر ليلنا كأس وعود
فأين ( السور ) والندوات فيه؟
                                 وأين الأنس والعيش الرغيد؟
                 مايشترك فيه مفدي مع العريبي هو أنهما استعملا اسما مستعارا مشتركا وهو ابن تومرت

              لنعد الآن إلى محمد العريبي الذي زج به في السجن سنة 1938 نتيجة مشاركته في أحداث 9 أفريل ويذكر محمد الهادي بن صالح :
وهنا ازداد محصول العريبي  من الإنتاج تدهورا وفتورا وقد عزا بعضهم ذلك إلى دخوله السجن حتى أنه في تلك الفترة (1938/1939) لم ينشر إلا قصتين : هما( النهد المجرم ) و (عشرة فرنك) ثم مقالة واحدة تحت عنوان " شهيد المسرح" ...الخ
       ويكفي أن تقرأ قصة"  عشرة فرنك " لتدرك حدة الوعي الإجتماعي الذي كان يتوفر عليه العريبي اذ تروي القصة أحداث شخص مار في الطريق فأذا بمومس تراوده عن نفسه بغية الحصول على المال فيعزف عنها ويعطيها ماطلبت دون مسايرتها فشك في كونها قد استبلهته لابتزاز ماله والتحيل عليه وظن أنها لا تزال في مكانها تعاكس المارة وتحول وجهتهم فرجع للتأكد فلم يجد لها أثرا
                  مغزى القصة أن المومس ضحية الفقر والحاجة ولم تتبع طريق الفساد والرذيلة إلا نتيجة الحاجة الماسة

              الوعي بالقضايا الوطنية إلى درجة الاعتقال
والوعي بالقضايا الاجتماعية وقد عبر عن ذلك في إبداعه  ...كل هذا وغيره ينفي عن محمد العريبي وجماعة تحت السور ما استقر في الأذهان من كون الجماعة من البوهيميين الحشاشين المنقطعين عن قضايا عصرهم والغارقين  في المجون والفساد الأخلاقي ..
            ظاهر الأمر يدل على ذلك ولكن من يتأمل في سيرهم بدقة ويقلب أنتاجهم الأدبي والصحفي يدرك العكس تماما .

تعليقات