جماعة تحت السور ( 21)

بقلم : محمد المي

وما دمنا في تفصيل الحديث عن اسم ابن تومرت فلا بأس من التذكير ماكتب الدوعاجي عن صديقه العريبي  تحت عنوان : ابن تومرت
" ولا أدري لم اختار هذا الإسم،  وعلى كل حال فهو الإسم المعروف به في الأوساط الأدبية.  بوهيمي طويل القامة ، قصير النظر ، كثير الذكاء ، كثير النشاط ، ( سبيرتيال)- spirituel  وهو مع هذا كثير الغرور وكثير الخبث والشذوذ ، والأمثلة لذكائه وغروره كثيرة .
جرب نظم الشعر فنجح نجاحا باهرا ، وحاول كتابة القصة وهو لذلك يعد نفسه أول قصاص في الشرق . ويزاحم " الأخطل الصغير  " في السعي إلى إمارة الشعر العربي .
كل هذا محبوب ومهضوم ! أما الذي لا يهضم في ابن تومرت هو سوء ظنه في عباد الله واستبلاهه لهم.  ومثل ذلك أن وقع صدفة في يد ابن تومرت كتاب للشاعر الفرنسي " بودلير " ( وبودلير هذا أشهر شعراء الفرنجة) ولا يوجد على وجه الأرض من طالع كتابين بالفرنسية لم يكن أحدهما " زهرات الشر " ديوان بودلير .
وفرح ابن تومرت بهذه اللقية ، وطالع الكتاب ،وأعجب به كثيرا . وكان يظن أنه الوحيد في تونس - على الأقل- من يعرف "بودلير " وشعر " بودلير " فراح يدور على المتأدبين من معارفه يبشرهم " ببودلير " ويسرد عليهم ماحفظه من الديوان وهو قوي الحافظة . سريع البديهة ، شديد الإخلاص لصداقاته. 
نفعنا الله به آمين.
هكذا هم جماعة تحت السور بروح فكهة وأنفس منكسرة ووعي حاد بقضايا المجتمع وتقدير فائق للادب عاشوا حياتهم ف: " اللقية " التي ظفر بها ابن تومرت ليست مالا بل هي ديوان شاعر ومن طاف ليتشدق أمامهم ب " اللقية" هم من المتأدبين لقد اخلصوا للأدب وعاشوا تفاصيله وعلى إيقاعه لا ينشدون غير تطوير قناتهم وصقل مواهبهم ومعرفة أسرار الكتابة وأفانينها مخلصين لحب البلاد . ورسالة العريبي للدوعاجي خير دال على ماندعي    

تعليقات