تونس وقضية فلسطين(3)

1)تضامن العرب في المشرق والمغرب

وهذا التضامن الراجع عهده إلى ثلاثة عشر قرنا ، أساسه وحدة اللغة والدين والمثل العليا . والعالم العربي الذي يمتد من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي بقى طيلة القرون العديدة ضمن امبراطورية واحدة ، فقد خضع للخلافة الأموية ثم للخلافة العباسية وأخيرا للخلافة العثمانية .
والحواجز المصطنعة التي أقيمت بين أجزائه في عهود الانحطاط من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر لم تنل من إدراك الجماهير لما يربط بين تلك الأقطار من صلة الرحم والانتساب إلى مجموعة بشرية واحدة.

2)أثر  الدعاية الصهيونية في علاقة شعوب المغرب العربي بجالياتها اليهودية:

تتألف هذه الجالية من 250000 نسمة بينما العرب يبلغ مجموعهم نحو 25 مليونا ، وهي منحدرة في أغلبها من اليهود الذين قضى عليهم التعسف الديني في اروبا بالهجرة ، أولئك الذين فروا من الإعدام حرقا على يد محاكم الكنيسة الاسبانية في القرن الخامس عشر والقرنين التاليين . ولقد وجدوا لدى عرب المغرب  من كرم الوفادة ما سمح لهم بالازدهار والارتقاء إلى أسمى مناصب الدولة وكسب المكانة المرموقة في التجارة والصناعة والفن .
وفي أيام الدايات بالجزائر ظفرت أسرة "البكري"
و " بوزناخت " اليهوديتان بامتياز التجارة الخارجية وكان ما أتته الأسرتان من اختلاس الأموال ومن تدبير المؤامرات سببا في الحادثة التي أودت بعرش الداي وباستقلال الجزائر .
وفي عهد حكومة فيشي ، عندما حاق الخطر بيهود إفريقيا وباتت أرواحهم ومكاسبهم معرضة للتلف ، بمفعول قوانين أوحت بها ألمانيا النازية ، فإنهم وجدوا العون والحماية لدى الملكين العربيين في المغرب جلالة سلطان المغرب وسمو باي تونس المنصف (1)
وقد وفق هذان العاهلان رغم ضآلة السلطة التي ابقاها لهما المقيمان العامان التابعان لحكومة فيشي إلى تجنيب رعاياهما اليهود ما كان يهددهم من كوارث جلى.
وهذا ماجعل الجاليات اليهودية بأفريقيا  الشمالية لا ينالها إلا القليل من الويلات أيام الإحتلال الألماني.

                                                      ♧♧♧♧♧
(1) المنصف باي خلعه الجنرال "جيرو" الفرنسي في 14 ماي 1943 وأبعد إلى الأغواط ثم إلى تنس بالجزائر ثم إلى " بو" بفرنسا حيث أدركته الوفاة . وقد نقمت عليه السلطات الاستعمارية من أجل عطفه على الحركة القومية وشعبيته الكبيرة واتهمته _تبريرا لسلوكها_ بالتعاون مع المحور.

تعليقات