تونس وقضية فلسطين(4)

ومن يوء الحظ أن الدعاية الصهيونية نالت أكبر النيل من هذه العلاقات القديمة. فقد خلقت في أنفس الشبان اليهود عقلية استعمارية قوامها الصلف ، واحتقار أهل البلاد والكبرياء العنصري ، وجعلت موقف الجالية اليهودية دقيقا وسط الشعوب العربية بإفريقيا الشمالية ، فلا يندهش أحد بعد ذلك إذا ما أدى الأمر بتلك الشعوب إلى الإقتناع بأن اليهود عنصر أجنبي  داخل الأمة ولا سبيل إلى ادماجه أو الاطمئنان إليه مما يدعو إلى الضرب على يده توقيا من شره . وهكذا فإن الصهيونيين هم الذين جلبوا بذور العنصرية واقحموها في شعوب ليس في العالم من هو أشد اكراما منها مضيفا للضيف ولا أكثر سماحة ، فهي لم تضطهد اليهود أبدا،  بل اكرمت مثواهم وحمت حماهم وبسطت عليهم جناح رعايتها عندما لجؤوا إليها فرارا من الاضطهاد.

ونحن عندما ننظر إلى واقع الشمال الإفريقي نرى أن مجرد امتداد الأزمة العربية اليهودية بفلسطين يلحق بيهود المغرب العربي ضررا لا سبيل إلى تلافي آثاره،  حيث يقلب حياتهم إلى جحيم وسط الشعوب العربية المحيطة بهم.  

3) تشابه الأهداف والوسائل الاستعمارية بفلسطين وبالشمال الإفريقي  .

لم تبرح شعوب المغرب تميز بين الاستعمار اللاتيني - بما له من خصائص هي إغتصاب الأراضي الزراعية،  وتوطين الجيش العرمرم من مزارعيه وموظفيه ، والاستحواذ على كافة سلطات الدولة وأهم دواليبها ، وكل ذلك يهدف إلى غرض معين وهو إدماج الأفراد والالحاق الترابي - وبين الاستعمار الانقلوسكسوني الذي يتخذ من الوسائل ما يؤدي- خلافا للأول - إلى رفع مستوى الشعوب المستعمرة ثم إلى استقلالها .

على أن فلسطين هي الوحيدة من بين بلدان الشرق الخاضعة للحكم البريطاني - التي تمارس  فيها وسائل لا تكاد تختلف عن وسائل اللاتينيين في الشمال الإفريقي.  

تعليقات