تونس وقضية فلسطين(5)

وهذه الظاهرة وحدها خلفت بين إفريقيا الشمالية وفلسطين تيارا عاطفيا يدعو إلى التأثر الشديد ، ووحدة الغاية هي التي تفسر وحدة الوسائل.  ففي المغرب العربي وفي فلسطين يدعو الشأن إلى توفير الأسباب من أجل استقدام المهاجرين الأجانب سعيا لقلب التوازن في عدد سكان البلاد .

ولئن كانت الغاية في فلسطين هي بعث وطن قومي يهودي فإنها في الشمال الإفريقي بعث وطن قومي فرنسي يؤدي إلى جعل البلاد امتداد لفرنسا . ولكن سعيا من هذا القبيل لا بد أن يصطدم بمفاومة اهل البلد ، ومن ثم تكون الخلقة المفرغة الرهيبة ، وهي القمع الذي يغذي الثورة بينما الثورة تحرك اليا دولاب القمع .

وهذا هو سر الاضطرابات التي لا تكاد تخمد نارها حتى تنبعث من جديد ، سواء في فلسطين أو الشمال الإفريقي،  طيلة الخمسة والعشرين عاما الفاصلة بين الحربين العالميتين والتي لا مفر من تأجج لهيبها ، مادام القوم يصرون على إنكار الواقع الملموس . على أنه لئن كانت فلسطين الواقعة في قلب المشرق العربي  لم تنفك تحظى بعطف اجوارها الفعال ، فإن الاستعمار الفرنسي استطاع في افريقيا الشمالية أن يمارس أفظع وسائل القمع سعيا للقضاء على كل مقاومة ، دون أن يثير استنكار العالم المتمدن.

ونحن نود الاعتقاد بأن هذه الجرائم لن تتجدد  لاسيما وتجربة الحرب العالمية الأخيرة أقامت البرهان على أن منظمة عالمية تلتقي فيها كل الشعوب ، وتنهي استغلال الإنسان للأنسان والشعوب الكبيرة للشعوب الصغيرة ، هي شرط أساسي للسلام.     

تعليقات