قراءة في مسرحية الملك لير لحسن المؤذن

بقلم : محمد المي

        هي المرة الثانية التي يقدم فيها مخرج مسرحي تونسي على تحويل النص الكبير لشكسبير " الملك لير" وتحويله إلى مسرحية تمثل على ركح ولئناختارفتحي العكاري إستغلال النص لتقديم قراءة تلتصق حينا بالنص الأصلي وتبعد عنه أحيانا فإن حسن المؤذن حاول أن يكون وفيا للنص قدر الإمكان وإخراجه عرائسيا .
         اعتمد حسن المؤذن تقنية تقوم على الجمع بين الممثل وقرينه - العروسة  وقد فسر ذلك بقوله : " إننا نتصور هذه العروسة امتدادا لجسد الممثل الحي ، بمعنى آخر،  هي بمثابة التوأم الملازم له . لا يحتجب الممثل وراء العروسة ليحركها وكأنه يد القدر الخفية ، وإنما يربط معها علاقة جدلية مثمرة . تفتح على إمكانيات تعبيرية تزعزع التقاليد والشفرات المألوفة . الممثل والعروسة هما في علاقة تضاعف وتضايف ومواجهة وتبادل للأدوار إلى حد أنه بإمكاننا أن نتساءل:  من منهما يجسد الشخصية ؟ من يحرك من ؟"

وللتذكير فإن مسرحية " الملك لير" تتخلص أحداثها في كون أحد  ملوك انقلترا إثر تقدمه في السن وإحساسه بالفراغ بعد البطولات والانتصارات التي حققها وسنوات الحكم التي أدار فيها حكم دولة عظيمة أراد ان يقسم ملكه وجاهه وسلطانه على بناته الثلاث فطلب منهن وصف مقدار الحب الذي تكنه كل واحدة منهن له
بالغت وكذبت الكبرى في وصف الحب الذي تكنه لوالدها وكذا فعلت الوسطى من بناته فكافأ  الملك لير كل واحدة منهما بثلث جاهه وسلطانه .
أما الصغرى وكانت أصدق منهما فقالت لوالدها إني أحبك مثلما تحب كل فتاة والدها ولو تزوجت لكان من حق زوجي أن أمنحه حبي
غضب الملك لير وحرم أصدق بناته نصيبها في الجاه والسلطان ولم يكن يعرف أنه قد ألقى بنفسه في جحيم .
لقد تزوجت الصغرى ملك فرنسا وهجرت والدها فيما بقي لير بين ابنتيه يتقاذفانه بينهما كالسفينة الخربة التي تتقاذفها الأمواج وذاق الذل والحرمان والمهانة وهو في ارذل العمر وقد انفض الجميع من حوله .
الأختان تعشقان قائد الجيش ويصل بإحداهما ان تسمم أختها من أجل الاستفراد بعشيقها.
فيما تسعى الصغرى إلى إستعادة ملك والدها فينتهي
بها الأمر أسيرة فمقتولة في السجن وتنتهي المأساة بالأب الذي يحمل جثمان أبنته ويبكيها بكاء مرا فينتهي ميتا الى جانبها.
وبذلك ينتهي عهد " الملك لير" وتنتهي بناته مقتولات ويقتل عشيقهما وكأن شيئا لم يكن فلا الملك باق ولا الجاه باق ولا أرباب المال والسلطان من الخالدين.
يحاول شكسبير أن يعري الإنسان ويكشف عن لحظات انخذاله أمام متع الدنيا.
جريمة" الملك لير" هي الحب
الإنسان في آخر عمره لا يطلب مالا ولا جاها بل يحتاج إلى الحب ويطلب دفء المشاعر الإنسانية لا
أكثر ولا أقل. وهو مستعد للتفويت في كل مايملك من
أجل كلمات توهم بالحب .
أن شكسبير يسبر أغوار الذات الإنسانية بكل تفاصيلها
فيقف على عجز الإنسان وصغارة نفسه
يتبع
      

تعليقات