كنت تاجرا

علامات    فيفري 2018                 بقلم رياض المرزوقي
*************************************
( العلامات روح الطريق )

**************************************
69 - كنتُ تاجرا !            ( خسارةنحن في حياة  منطقها دائم الخساره ) ر. م

منذ زمن بعيد , اشتغلتُ بالتجارة لأوّل مرّة في حياتي وآخرها , فأنا أكره الحساب ,
والشراء , وارتياد الأسواق , وكلّ ما يعتبره الناس من الهوايات المفضّلة من هذا
القبيل .
كنت الأستاذ المشرف على  فرع الشبيبة المدرسية بمدرسة ترشيح المعلّمين بزغوان
( ولاية نابل آنذاك ) , ومن المشاريع التي أنجزتها , فتح دكّان لبيع ما يحتاجه التلامذة ,
والأساتذة , نظرا لبعد المعهد عن البلدة بعدا كبيرا نسبيا .
وأصارحكم أنني كنت أجهل ألف باء التجارة , وأنني سعيت إلى بيع البضائع بأقلّ ثمن
ممكن , وهو ما يناقض قواعد التجارة الربحية كما هو معلوم .
وقد نجح المشروع نجاحا منقطع النظير, رغم أني كنت في لك العهد أدرّس أربعين
ساعة في الأسبوع أو أكثر , ولا أكاد أجد الوقت لا للراحة , بل لاسترجاع الأنفاس .
هل كنت تاجرا بالفطرة , وأنا لا أدري ؟ المهمّ أنني لم أعد إلى هذه التجربة مطلقا ,
رغم حنيني إليها في بعض الفترات , وخاصّة اعتزامي فتح مكتبة ( وهذا من أحلامي
الدفينة ) .
لقد أجبرتني الحياة على التعامل التجاري مرّات , رغم كرهي الدفين للأمر .
من ذلك , عملي في ( الدار التونسية للنشر ) , وقد كنت آنذاك مشرفا على كل صغيرة
وكبيرة , في النشر , وأيضا في التسويق , والميزانية , والعلاقة بالحرفاء في تونس
وخارجها , ولا أظنّ أنني لم أحسن عملا , رغم النية المبيّتة لتصفية المؤسّسة .
وأذكر أيضا موقفا طريفا , طلب فيه مني إعداد ميزانية للإذاعة في 48 ساعة ,
ولم تساعدني الإدارة المالية في ذلك , ولو بالإصبع . وكان أن قمت بذلك من الألف
إلى الياء بمفردي , وناقشت الميزانية في وزارة المالية , وخرجت بالمصادقة عليها
بعد هياط ومياط , وضرب على الطاولة . وكانت النوايا مبيّتة آنذاك أيضا لإظهاري
في هيأة عجز , وقصور , وتخفيض ميزانية الإذاعة .
وقد خرجت من كلّ هذا بفكرة واحدة ,
لا يمكن للإنسان أن يجاور وحوش الغاب إلا إذا توحّش !
















تعليقات