الصمت

علامات       فيفري 2018  - الثاني                          بقلم رياض المرزوقي
******************************
( العلامات روح الطريق )
**********************************


72 - الصمت                                           " الصمت هو الهدف الأكبر
                                                                                لا أحلم إلا بالصمت ! " ر . م

سأصارحكم بقرار اتّخذته ليلة حلول السنة الجديدة ( 2018 ) .
لم يكن قرارا ناتجا عن تفكير طويل , ولا إمعان نظر , كان قرارا مفاجئا  كلمعة البرق ,
أو اندلاع النار في يابس الحطب .
لا يمكن أن أحصي المناسبات التي اعتليت فيها المنصّات والمنابر , وتكلمت في المصادح
منذ سنة 1964 . فقد شاركت في مئات الأمسيات الشعرية , والملتقيات , والندوات ,
وألقيت عشرات المحاضرات , والمداخلات , وقدمت تقارير لجان بلا عدد , وخطبت حتى
في محافل سياسية , ونقابية كثيرة .
ولا أعدّ هنا برامج الإذاعة والتلفزة التي قدمتها , أو ساهمت فيها , ولا المهرجانات
الثقافية المختلفة .
بعد كل هذا المسار الذي امتدّ على مدى يفوق الخمسين سنة قررت أن أصمت ... للأبد .
وقد قمت بعد بالاعتذار عن كل المشاركات التي تعهدت بها , وأنوي التقيّد بهذا القرار في
المستقبل في جميع الظروف والحالات .
أنا اليوم فاقد لملكة الكلام , أكتب فقط .
يقول محمد المرزوقي
" لمن نغني يا أولاد العم  ؟         كلامك مع اللي ما يفهمكش خساره
   واحد يبكي بدموع الدم             والآخر لاهي باللعب والبصاره
   الحصان في ريح التبن يشمّ       وبهيم قدّامه الشعير شكاره "
وأقول
" سكتّ لأني أقول بصمتي     وظنّوا مماتي لأني سكتّ "
وإذا تساءلتم عن أسباب هذا القرار , أجبتكم بكلّ اختصار أن الكتابة هي المجال
الوحيد الذي تتوفّر فيه الحرية , أما المنابر , فسياج من حديد , لا أذكر أني خرجت
مرة منها وأنا مقتنع بما قلت , بل كنت مقتنعا بأن المهمّ هو ما لم أقل .
" من يسمع صوتي ؟
من يخرج سبكي من ربقة صمتي 
من حقل قد سيّج بالنبت الشوكي ؟
من يفهم أني أضحك حتى لا أبكي ؟ " .


تعليقات