من أسباب تراجع الجامعة التونسية

بقلم : محمد المي

لا أحد يستطيع اليوم أن يدعي أن الجامعة التونسية في وضع تحسد عليه بل إن أزمتها تفاقمت وترتيبها خارج القائمات يدل على المستوى الذي وصلت إليه وقد كنا من بين الذين نبهوا إلى الخطر الذي يحوم حولها وقد كانت مقالاتي وقتها تلقى سخطا من طرف عديد الجامعيين الذين كانوا يتشدقون بانتمائهم للجامعة التونسية .
جامعتنا - للأسف - علتها تكمن فيها وأسباب تهاويها جاء نتيجة المتنتمين إليها والسياسة التي كرسوها حيث أمعنوا في تهميش بعضهم البعض ومارسوا سياسة الإقصاء ضد بعضهم البعض ( راجع كتاب طريقي إلى الحرية) . وقد انخرط بعضهم في جوقة التزلف ( راجع مقال عادل يوسف في كتاب الثقافة والالتزام) . وكانت ممارسات العديد منهم ممارسات لا أخلاقية ( فضائح التحرش الجنسي لاحصر ولا عد لها) وبنيت العلاقات على الشلل والعصابات ... فضلا عن انغلاق الجامعة على نفسها اذ لم تستفد من كفاءاتها .
كل من يتقاعد منها يدخل في دائرة النسيان والحال أن الجامعة كان بإمكانها ان تستفيد من كفاءاتها فتتيح المجال للمتقاعدين منهم لتقديم دروس او محاضرات حرة كما تفعل أغلب جامعات الدنيا . نذكر في هذا المجال محمد اليعلاوي والطيب العشاش وأحمد عبد السلام ومحمد عبد السلام والشاذلي بويحيي وحمادي صمود ....الخ
كما لم تستفد الجامعة من الطاقات الموجودة خارجها من المثقفين أمثال أبو القاسم محمد كرو ومحمد العروسي المطوي والحبيب شيبوب وعزالدين المدني وسمير العيادي وأحمد حاذق العرف وأبو زيان السعدي ...الخ فقد كان بإمكان جامعتنا اتاحة الفرصة لهؤلاء وغيرهم كثير أن تتم دعوتهم لتقديم محاضرات والتحدث مع الطلبة عن تجاربهم في مختلف المجالات هل يعقل ألا يستفيد المعهد العالي للفن المسرحي من تجربة عزالدين المدني في الكتابة ؟
وهل يعقل ألا  يستفيد المعهد الأعلى للتوثيق من تجربة الحبيب شيبوب في التوثيق؟
وهل يعقل ألايستفيد طلبة كلية الآداب من تجربة أبي زيان السعدي في النقد الأدبي؟ 
.....الخ
هل يدرس الأدب التونسي في أقسام اللغة والآداب العربية؟ هل يعرف المتخرج برتبة أستاذ في اللغة العربية شيئا عن أدب بلاده وثقافة وطنه ؟
ماجدوى التعليم إن لم يكن المتعلم قادرا على التحدث عن أعلام بلاده ومثقفيها ؟
هل تدرس أقسام اللغة والآداب العربية الشابي والطاهر الحداد وعلي الدوعاجي ومحمد العريبي ومصطفى خريف ومنور صمادح ...الخ
وقس على ذلك في باقي الاختصاصات والمضحك المبكي أن هؤلاء الجهلة من المتخرجين أصبحوا دكاترة فنسمع عن المئات الذين نالوا شهادات الدكتوراه وبملاحظة مشرف جدا ؟ ماذا يعرف هؤلاء الدكاترة عن ثقافة بلادهم ؟ وأين أطروحاتهم ؟  حينها نفهم تردي مستوى الجامعة النونسية والمستقبل الذي ينتظر الأجيال القادمة .
هؤلاء الجهلة ستأتمنهم الدولة على عقول الأجيال القادمة ؟ هي الظلامية عينها .
إن المستقبل الذي ينتظر بلادنا أمام تعميم الجهل وتعمد اغراق الجامعة وتعويمها بأساتذة جهلة واتباع سياسة المحاباة والولاءات والمحسوبية واستغلال الطلبة للمأرب الخاصة وابتزازهم والتحرش الجنسي بهم ...الخ هو الذي أوصل الجامعة التونسية إلى ماوصلت إليه.
الجامعة التونسية التي كانت مكسبا وطنيا ومفخرة من مفاخر دولة الاستقلال انتهت إلى الحضيض للأسف الشديد لأن مابني على باطل لا يمكن أن يثمر اليوم صرنا نسمع عن السرقات العلمية وصرنا نسمع عن التجاوزات الأخلاقية كاي خبر عادي لا يحرك السواكن ولا يبعث على الخوف .
كان يفترض أن يقع إستغلال ماسمي مجازا بالثورة لإصلاح التعليم العالي وتصحيح مساره وتعديل برامج الجامعة عير أننا عرفنا تراجعها وارتفاع أصوات نقابييها للمطالبة بالزيادة في الرواتب ثم الزيادة في الرواتب ثم الزيادة في الرواتب ..والعلم ربي يجيب

تعليقات

  1. كل الشكر والتقدير فقد وضعت الإصبع على الداء ....

    ردحذف

إرسال تعليق