الألم

علامات   مارس 2018 - رابع                              بقلم رياض المرزوقي
____________________________________________
( العلامات روح الطريق )
_____________________________________________

79 - الألم                                          
   " الألم ظلّ الإنسان
                                                                              هل يخشى الإنسان ظلّه ؟ "

أوثق الرفاق صلة بي هو المرض . عاشرني في طفولتي حتى كدت
أتصوّر أنه عنصر قارّ في حياة البشر
وكبرت , وبقي المرض معي , يظهر حينا , ويغيب حينا .
ولا أرغب هنا في التفصيل , فالمرض - في رأيي - من الشؤون الخاصّة التي لا
تقاسم مع بقيّة الناس .
حرمني المرض وما زال يحرمني من حياة عامّة الناس , وبهجتهم , واحتفالهم .
حرمني في صغري من اللعب , والرياضة , وفي شبابي من اللهو , والسهر ,  
وما زال إلى اليوم يجعل أعمالي تتعثّر , وأهدافي تتبعثر .
وجدت سلواي زمن الدراسة في فلسفة التحدّي , والشعور بالقوّة .
وأجد سلواي اليوم في التسليم بالقضاء .
عالمي منذ عقود هو عالم الأطبّاء , والأدوية , والحِمية .
أما الألم فهو صديقي اللدود , أخشاه , وأتهيّبه , لكنه لا يعبأ بي , ولا برجائي .
إنه الغازي المنتصر كلّما عنّ له أن يستولي عليّ .
"اكتشف أنه مختلف تماما عن رفاقه , وليس ذلك
بسبب كرهه للعب الجماعي , أو ندرة أصدقائه فقط , وإنما لأنه عاش
مأساة الجسد الذي لا يطاوع , واصيب بعلل , وأدواء , جعلت من
عيشه صراعا مستمرا مع المرض , وقد بقي الشعور بالتناقض بين
شعلة العيش في قلبه , وعجز جسمه عن تلبية رغباته , بقي ذلك
إلى اليوم , ورافقه طيلة حياته , ملحّا أحيانا , متهاودا في بعض
الفترات التي كانت كالنسيم بعد الهاجرة , أو الواحة بعد الصحراء .
كان يحلم بأن يكون رياضيا , مغامرا , فإذا هو عاجز حتى عن الوقوف
أحيانا , يصيبه الدوار لأقلّ جهد يبذله .  " ( من مخطوط " كان " )
أسمع اليوم عن رفاق , وأصدقاء يعانون المرض , فأعيش معهم , وأدعو لهم بالشفاء
لأني أعرف حق المعرفة مايعني المرض , وأحسّ كل الإحساس بالألم المستبدّ .
أهدي هذه الخاطرة إلى الصديق ( الشيباني بلغيث ) , وأقول ( ما أضعف الإنسان ! ) .



تعليقات