الشاعر

علامات       مارس 2018 - ثالث                               بقلم رياض المرزوقي
************************************
( العلامات روح الطريق )
*************************************

78 - الشاعر                              
    " لا أقدر أحميك .. لأنه قلبي .. وأنا شاعر " ر.م

قرأت أو سمعت هذه الأيام عن تظاهرة تحتفل بذكرى أحد رجال المسرح , وهو المرحوم( فرحات يامون ) , فطارت بي الذكرى إلى نهاية 1965 أو بداية السنة التي تليها .كنت في السنة الأولى من دراستي
الجامعية , أكتب لأعيش , ولا أعيش لأكتب .

ومن بين نصوصي آنذاك مسرحية قصيرة عنوانها " الشاعر " .كانت المسرحية متأثرة بالميثولوجيا
اليونانية تتعلّق بشاعر يعشق كاهنة وقفت حياتها على خدمة الآلهة . ويتفطّن الناس إلى هذه العلاقة , فيحكمون بحرق الفتاة , تكفيرا عن خطيئتها . ويوم العقاب يتهاطل المطر على المحرقة .

ولا أخفي أني كنت بطل المسرحية , وأنها رمز لبعض ما عشته تلك الأيّام .المهمّ , أنني تعرفت على ( فرحات يامون ) بمناسبة إخراجه للنصّ , وتقديمه
في حفل نهاية السنة لبعض المعاهد . وأذكر إلى اليوم جلسات ممتعة مع ذلك المسرحيّ المثقّف , في منزله بشارع " المنجي سليم " . وتتردد على مسمعي
قصيدة " لا تكذبي " التي كان يديرها باستمرار على الحاكي بصوت نجاة , أوعبد الحليم .

توطدت صلتي ب( يامون ) , فأسسنا فرقة , ووضعنا لها برنامجا , بل شرعنا
في التمارين على مسرحية ألّفها صديقي المرحوم ( علي حيدر المزوغي ) ( سأعود إليه في بعض هذه الورقات ) . وفجأة , كالعادة , انقطع حبل التواصل
بيننا , وذهب كل منّا في طريق !

والحقّ أن المسرح  كان مشغلا مهمّا من مشاغلي , رغم تعدد اهتماماتي وتشتتها فقد كنت أنظم الشعر , وأكتب الأغنية , وأعشق السينما , وأعيش مع الرسّامين الخ

ولا أدّعي أني ورثت حب المسرح عن والدي , لأني لا أؤمن كثيرا بالوراثة في الفن ولكني أستطيع التأكيد بأن صداقتي ل( يامون ) كانت سببا أساسيا لهذا الهوس المسرحي .

واليوم , أتساءل عما بقي من تعلقي بالمسرح , فأجيب بكل حسرة " لاشيء تقريبا " وأسترق النظر إلى مخطوطات المسرحيات التي كتبتها خلال مساري الطويل ,فأشعر بالندم . ولكن العمر كما قال بعضهم قصير لا يتّسع إلا لما نختار أو نجبر على
اختياره .

تعليقات