جماعة تحت السور 23



 بقلم محمد المي

تميز عبد الرزاق كرباكة إلى جانب مكانته الإعلامية بقدرته على الكتابة بالعامية والفصحى في آن وربما هذا التميز جعله قادرا على كتابة الأغنية فكما ذكرنا في مقدمة بحثنا إن من أسباب انشقاق جماعة تحت السور هو الانعزال عن المقهى الذي تبث فيه الأغاني المبتذلة _ والعبارة للدوعاجي_ لذلك سعوا إلى تأسيس أغنية بديلة لا تشوب كلماتها عبارات نابية تخدش الحياء العام ولكنها تكوم لصيقة بالواقع وتسعى إلى كتابة أغنية تونسية راقية المضامين جميلة المحتوى سهلة الحفظ قريبة من الأسماع الراقية وقد نجح الدوعاجي في ذلك أيما نجاح وكذلك الشأن بالنسبة إلى كرباكة من ذلك نختار هذه الأغنية التي  كتبت باللسان التونسي الأصيل
كسرت الكاس            وبدمو محيت المكتوب
وكذبت الناس            اللي قالو محال يتوب
تجرعت المر            وعديت بصبري مرارتو
وداغنت الشر           وطفيت بناري شرارتو
وعقدت الصر          ولا حدش فك عقداتو

وكي شفت اللي الدهر عبر      وانا بغلابي مغلوب
قلت نكسر كاسي ونتوب        وبدمو نمحي المكتوب

كاسي اللي فاض               وتهدر وخرج عن طوعي
حموره وبياض                في دموع الكرمة ودموعي
يوم اللي اغتاض              مابين مشياني ورجوعي
مابين ايدي منهوب           وفي لهاتي لهيبو مشبوب
قلت نكسر كاسي نتوب      وبدمو نمحي المكتوب  
ياكاس الراح                           تنسى العشرة ياخوان
مصايب وأفراح                       اشكون فيها عشيري كان
غيرك أنواح                           في حزني وفي فرحي ألحان
واليوم كي هجرني المحبوب         واليوم كيف بديت نذوب
قلت نكسر كاسي نتوب               وبدمو نمحي المكتوب
ودعت ماك                           يا كاسي اشبابي اللي ضاع
ومشى بهواك                        وفي مرادك بالرخص تباع
دايا على داك                        لثنين وصلنا للقاع
يوم شفت ضحايا على غروب     وكاسي اللي مليتو مشروب
قلت نكسر كاسي نتوب            وبدمو نمحي المكتوب

نفهم التحول النوعي في الأغنية التونسية عندما نتذكر الأغاني التي كان ينشدها اليهود على غرار حبيبة مسيكة والشيخ العفريت وراؤول جورنو ..الخ . ومن هنا ندرك الدور الذي لعبته جماعة تحت السور في تطوير الأغنية التونسية والرقي بها لذلك فأن الإصرار على كونهم مجرد بوهيميين هو غمط للدور الذي قاموا به وضرب من ضروب الجحود والنكران.   

تعليقات