عندما يفضح كمال الرياحي نفسه بنفسه


عندما يفضح كمال الرياحي نفسه بنفسه

 

بقلم : الناصر التومي

  يحاول الأصدقاء رأب الصدع في الخلاف القائم بيني وبين الصعلوك كمال الرياحي، ولا يسعني إلا أن أقول لا تتعبوا أنفسكم فالخلاف مبدئي بالأساس، وأنا خالفت مبادئي أبدا، فأنا كل ما ذكرت في شأنه واقع لا لبس فيه، وهو أني دافعت عن نادي القصة فكانت ردة فعله الإقصاء.
  لكن كمال الرياحي في خضم ارتباكه وهو يحرر افتراءاته لينشرها في الصريح نيوز لم يعرف حتى كيف يلفق التهم التي يمكن أن تقبلها الساحة الثقافية، فسقط في المحظور وكشف معدنه الوضيع، وفضح نفسه، ولعله لو سكت لصدقه البعض، وقد خدمني بمقاله في الصريح نيوز خدمة لفضحه لم أكن أتوقعها.

الافتراء الأول: يدّعي الرياحي أنني غضبت قبل سنوات لأنه تم نقدي في أحد برامجه الإذاعية الثقافية، ونسي أنه لم ينقد أعمالي الإبداعية ويا ليته فعل، الغريب أنه ولم ينتقدني أنا بالذات، بل انتقد دفاع النادي عن نفسه من مديرة دارة الثقافة بالوردية لأنها همت بالاستيلاء على ممتلكات النادي الثقافي مستعينة بسطوة رابطات حماية الثورة، لقد دافع الرياحي عمن اتهمت بسوء التصرف وسرقة أموال دار الثقافة فزجت بالسجن، أي أن الرياحي يناصر لصة، ومن يناصر اللصوص فهو لص.

الافتراء الثاني: يدعي الرياحي أنه اتصل بي وهو كاذب، وعليه إثبات ذلك إن استطاع أكان سواء بواسطة الهاتف أو البريد العادي أو البريد الألكتروني أو حتى الفايسبوك.

الافتراء الثالث: اتهامه لي بأني كنت كامل حياتي المهنية التي تزامنت مع هواية الإبداع أكتب التقارير في أصدقاء الساحة الثقافية، ـ أي الرياحي جاب التايهةـ  ولم يعلم بالأمر إلا ـ كمال الرياحي ـ عبقري زمانه، فلو كان كذلك لعرف به القاصي والداني، ولم يعلم الرياحي أني عكس ذلك تماما فاختصاصي الإدارة، وكتابة التقارير حتى لصالح الأمن العام ما كنت أستسيغها، وحتى لما تقدمت بطلب العمل بإحدى سفاراتنا بالخارج رفضوني عديد المرات نظرا لأني لست ممن لهم سابقة في كتابة التقارير، رغم دعمي من قبل وزير الخارجية شقيق الأديب  محمد يحيى رحمه الله، ويمكن لأي كان أن يسأل كل من الشاعر عبد الرؤوف بوفتح والقاص يوسف سلامة حيث كانا يعملان في المصالح الفنية وتصلهما كل تقارير الوحدات الأمنية بكامل البلاد، هل عثرتما يوما عن تقرير من تحرير الناصر التومي، ولعلي ذكرت ذلك سابقا أنه لما تقدمت من الإدارة بطلب الترخيص لي للترشح للهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين فكان رأي كاتب الدولة للآمن يومئذ لماذا لا أكتب عما يحصل في اتحاد الكتاب فرفضت رغم أني على خلاف كبير مع رئيسه الميداني بن صالح لأني مؤمن أن الساحة الثقافية هي الحاضنة لي  مدى الحياة وليست الوظيفة التي تنتهي بالتقاعد. وقد أرجع بك إلى بداية السبعينيات لما قبض على جماعة آفاق ـ البرسبكتيف ـ اليسارية وكان من ضمن المجموعة الممثل سليم بافون والصحفي محمد معالي، حيث كانا صديقين لي، و بقيا بحالة فرار، والتقيت بهما صدفة في صباط الظلام واستضفتهما بمنزلي بنهج الباشا، وكنت أعلم بوضعهما فلا هما أخبراني، ولا أنا أخبرتهما بأني أعلم، حتى إذا قبض عليهما لا يقولان بأنني أعلم، مع أن ذلك كان مخاطرة على حياتي المهنية، والحمد لله لم يذكراني في التحقيق لما قبض عليهما. وهناك أسرار أخرى خطيرة لم يحل زمن إفشائها.ولو كنت كاتب تقارير كما تدعي وهذا أهم شيء ترغبه الإدارة في رجل الأمن لما قضيت خمسة عشر سنة الأخيرة من حياتي المهنية في تعاونية الأمن حيث تتلخص الخدمات في استرجاع مصاريف العلاج، ومساعدة أرامل وأيتام أعوان الأمن، وإعداد يوم العلم للفائزين في شهادات التاسعة أساسي والباكالوريا و الشهائد العليا. أتعلم ما معناه العمل بالتعاونية معناه العمل في ـ الفريقو ـ مثل الأرشيف أي أن هذا العنصر غير صالح للعمل في الفرق النشيطة وعلى رأسها كتابة التقارير.

  وعوض أن أكتب التقارير في أفراد الساحة الثقافية كنت أقتني من العديد منهم  إصداراتهم كل سنة لفائدة تعاونية الأمن بمناسبة يوم العلم، وأغلب هؤلاء أحياء لا ينكرون ذلك، وكنت أحرم نفسي من بيع منشوراتي إلى التعاونية، مخافة أن أتهم باستغلال وظيفتي ببيع كتبي وبالتالي أحرم الكتّاب من اقتناء كتبهم، ولم تدرج إصداراتي إلا بعد أن أحلت على التقاعد.

ولو كنت أكتب التقارير لما كتبت المجموعة القصصية ـ الخطاب الممنوع ـ  والتي نشرت في المجلات والصحف في العهدين البورقيبي والنوفمبري، وكلها ترشح معارضة للسلطة، واخترتها من بين المجموعات القصصية المنشورة قبل الثورة لإظهار إليك وأمثالك الثورجية الجدد أننا لم ننتظر هروب بن علي حتى نطلق العنان لأقلامنا، بل كنا نبدع بفن، لا بالشعارات كما تفعل أنت وبعضهم، وارجع إلى المجموعة لتتبين ذلك بنفسك.

الافتراء الرابع: أنني دمرت نادي القصة والدلائل كلها تثبت عكس ذلك، بل أنني الوحيد منذ أسس النادي سنة 1962 استطاع أن يضخ دعما خارج دعم وزارة الثقافة يقدر أكثر بخمسين ألف دينار في ظرف سبع سنوات أي من 2001 إلى 2008، وكل ذلك بجهدي الخاص، إما نقدا مباشرا أو ببيع منشورات قصص إلى تعاونية الأمالافتراء الخامس: يدعي أنني هددت وزير الشؤون الثقافية، وهذا لم يحصل، ولكم أن تعودوا إلى ما كتبته، وتعمد الرياحي تأويل كلامي، فأنا أقدّر المناصب وإذا نقدتها فباحترام، وليس مثل عديد المثقفين والإعلاميين الذين بعد الثورة لقحوا بفيروس طول اللسان وقلة الاحترام لأصحاب المناصب العليا.
الافتراء السادس: يصفني الرياحي بالمتطرف، ذلك لأنني ملتزم دينيا على سنة الله ورسوله، وما درى الرياحي أن ركعتا لله خير من الدنيا وما فيها، إن كان كذلك فأنا أفتخر بما أنا فيه، لكن الذين يرون في الالتزام بالدين السمح تطرفا وتخلفا فهذا شأنهم، لأننا غدا سنحاسب عن أقوالنا وأفعالنا، ولن تنفعهم التنويرية والتقدمية الجديدة، علما أن التنويرية الحقة لا تعني التنكر لمعتقدنا الإسلامي بل هو ما قامت به الحضارة الإسلامية في عز الدولة الأموية والعباسية، وفي الأندلس حيث كانت قبلة العالم في الحضارة والعلم، هو التنوير الإسلامي بحق، أما التنويرية الجديدة هي رفض الأديان والتحرر منها وهو منهج ماسوني يهودي المتسبب حاليا في الخراب العربي والذي تورط فيه أغلب المثقفين العرب.

  أرأيت يا الرياحي متطرفا، يجالس علمانيين، وهو ما عليه أغلب الساحة الثقافية وكذلك بعض الملحدين، فأنا هو ذلك، لقد تربيت في الساحة الثقافية، ويجب علي أن أتعامل مع الجميع، تجمعنا الإنسانية، وهواجس الإبداع، ولا نتدخل في المعتقد الشخصي لكل منا، وتربية اللحية تدخل في القناعة الشخصية وربما لحيتي تباركها سنة نبينا الأكرم، أما لحيتك فلا أجد لها نعتا لا يجرحك.

يضيف الرياحي أن كتاباتي ساذجة وضعيفة ـ وقد زكت لجنة تحكيم  تتألف من محمد القاضي ، جلول عزونة ، محمد الهادي بن صالح، رواية الصرير، وجائزة كومار التقديرية لروايتي ـ الرسم على الماء ـ كل من محمود طرشونة ، مسعودة أبو بكر وغيرهم،  فماذا أقول أنا في أول رواية ظهر بها ـ المشرط ـ فهل يستطيع أي منا أن يقدمها لابنه أو ابنته لقراءتها، فهي ليست من الأدب في شيء بل هي من قلة الأدب بما اتسمت به من دناءة، ويصفها صاحبها بالتنويرية، بل هي من الكتابة المنحرفة التي لا تشرف الأدب بالمرة، وأذكر أن أول ما ظهرت نتيجة كومار سنة تتويجها أن قال فيها أحد أدبائنا الكبار ممن لم يدع إلى التظاهرة، هي رواية مراحيضية، زكتها لجنة تحكيم مراحيضية، ويحق أن يطلق عليها جائزة مراحيضية، وهي من الأدب المراحيضي.
 
الرياحي بمجرد حصوله على جائزة كومار حتى شن حملة إعلامية محليا وعربيا تفوق الوصف، حملة لم تشهد الساحة الثقافية لها مثيلا، الغريب أنه المادح وليس غيره، ولسان الحال يقول ـ الجنازة حامية والميت كلب ـ  و الزغاريت أكثر من الكسكسي ـ ما أعلمه من أخلاقيات التعامل مع الساحة الثقافية كمبدع أن تكتب نصك وتصمت، ولا تطنب في مدح إنتاجك ونفسك، واترك ذلك لغيرك إلى النقاد، وهذا كان دأب أغلب كتابنا الذين يحترمون أنفسهم، وكذلك الشأن معي، لم أكتب يوما كلمة عن كتاباتي، ولم أمدح يوما حتى في مجلس أدبي أو ثقافي عن إصداراتي.

  أما عن إصداراتي فلا يسعني ألا أن أصفها بأنها كانت شاهدة على العصر، نقدت، تسلط بعض المناضلين بعد الاستقلال في ـ النزيف ـ وعلاقة السلطة بالإعلام والفن في ـ الرسم على الماء ـ ورجل الأعاصير ـ وكانت تدعو إلى  العدل والفضائل، أما مشرطك فدعوة إلى العهر.

دائما يتكرر نفس العذر بأن الأمر لا يتعلق بغزارة الإنتاج بل بالنوعية، وهذا ليس من شأن فضاءات وزارة الثقافة المفتوحة للجميع، والتي من المفروض أن تعطي الفرص للكل، والنقد العلمي هو الذي من شأنه غربلة هذا الإنتاج، والرياحي حتى ولو كان مؤهلا لغربلة هذه الأعمال فإنه ليس من حقه كمدير لفضاء ثقافي تابع لوزارة الثقافة، تغليب القيمة الأدبية التي هي نسبية وذوقية على الغزارة ويحرم على من لا يستسيغهم من الظهور في بيت تونس للرواية.
أما الرائحة حيث أسكن فتلك من السخافة وقلة الحياء بمكان، حيث عشت لمدة أربعين سنة كنت مفخرة بتديني وأخلاقي، وعائلتي تعتز بي، وكذلك الشأن بمسقط رأسي حيث عدت إلى الجذور، لكن ابحث عن الرائحة النتنة في شخصك ومن كتابتك بما خلفه مشرط روايتك في المؤخرات ما جعل  التقزز هو الغالب في الساحة الثقافية.

ـ معذرة أولى أيها الأصدقاء ـ رفقاء الدرب ـ لم أكن متحاملا، وبينت الأسباب لا مجال لإعادتها، ولا لشخصنة الخلاف، وقد كان هو البادئ والبادئ أظلم، أخطأ الرياحي، وكل الدلائل تشير إلى ذلك في بداية الخلاف، لكن لا يريد أن يعتذر بل أخذته العزة بالإثم والهروب إلى الأمام، وواصل الإقصاء في عدم تمكين أعضاء النادي الثقافي أبو القاسم الشابي من الظهور في برنامجه الثقافي، ويستضيف نكرات لا يكاد يعرفهم أحد لملء الفراغ لا غير، وبلغ بصديقة أن تشير إلى موقفنا من أنه حسد، حسد على ماذا هل أنا طامع في رئاسة بيت تونس للرواية، وقد بلغت السبعين من العمر، أليس هذا البيت هو مكسب لجميع الروائيين.
معذرة ثانية إن فهم بعضهم ملاحظتي الخاصة في شأن المداخلات التي حضرتها مساء يوم الجمعة بأنني أنال من أصحابها، بل أعلم مقدرة الجميع في البيان، لكني انتقدت الحيز الزمني المقدر بسبع دقائق والذي لا يسمح لهم عند الارتجال بتقديم فكرة متكاملة متناسقة، وأتحدى من يلخص أي مداخلة، والعيب في البرمجة وليس فيهم، فكان من الأفضل تحديد الخيط الرابط ويكون ضمن ورقة معدة مسبقا.

  لقد استهواني البعاد أولا إلى مسقط الرأس بعيدا عن عاصمة ـ تكسير الراس ـ، وثانيا الاستقالة من الهيئة المديرة للنادي الثقافي أبو القاسم الشابي التي لم يحرك أحد من أعضائها إصبعا للضغط على زر المؤازرة، فمن أجل النادي عاديت الهادي الغابري الذي نال من النادي فتصديت له في الصحافة ولما منعه الأخ محمد الجابلي من المشاركة في ملتقى الحمامات للنادي آزرته ولم أخذله رغم معارضة بقية أعضاء الهيئة المديرة، هذا النادي الذي استطعت أن أجلب له أكثر من خمسين ألف دينار كدعم خارجي في سبع سنوات، وكنت أحمل أعباءه وحدي لمدة عشر سنوات.

سأواصل في منحى العزلة، هي مريحة للنفس بعد سبعين سنة من الحركة، لعل مثلي كان ولا يزال من أدباء تونس في الانزواء بعيدا عن الأضواء كانوا ولا يزالون، حسن نصر، علي دب، محمد الهادي بن صالح ، عبد القادر بالحاج نصر، فضيعتي ومكتبتي، وعبادتي واحتضان بناتي وأحفادي بعيدا عن ساحة الثقافة المشحونة، نفاقا، ولسان الحال يقول ـ الدنيا مع الواقف حتى لو كان كذابا ولصا، وإقصائيا، أما أنا فقد بعت لمن يشتري وبالمجان.

أصدقائي لا تتعبوا أنفسكم لن أصادق هذا المنحرف ولا يشرفني ذلك، ولن أدخل بيت تونس للرواية ما دام فيها، تعودت أن لا أتقدم على من سبقوني، كما لا أسمح أن يتقدمني من ولد وأنا روائي، وأنا دائما على وعدي لا أسكت على من يتعمد إهمالي وإقصائي في مكان أسس للجميع، فليست لي طموحات سوى مواصلة الإبداع في صمت لأنني لم أختر الإبداع بل هو الذي اختارني.

تعليقات