عتاب إلى رفقاء الإبداع

عتاب إلى رفقاء الإبداع

بقلم : الناصر التومي

يحز في نفسي أن رفقاء القلم لمدة تصل إلى الأربعين سنة، يتنكرون للمبادئ التي ننادي بها على الدوام ألا وهي رفض الإقصاء، ومناجزة كل من يتعمد إلى ذلك، وقد فعلناها مع مجلة الفكر في أيامها، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالبرامج الإذاعية والتلفزية الوطنية، ومنتديات وزارة الثقافة، لأنها ملك للعموم وتمول من المال العام، والإقصاء لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، وهو نتيجة انحيازات لشق دون آخر، أو للأهواء، أو للتشفي، مع أن الواجب أن تعطى فرصا للجميع، وتكون البرمجة تخدم الثقافة الوطنية بغض النظر عن الأشخاص، ولا يرضخ النشاط والتعريف بالكتاب للميولات والإخوانيات والجهويات والإيديولوجيات.

  مع الأسف كان هذا ديدن الساحة الثقافية، ولم يكن أحد يقوم بملاحظة أو تنديد إلا عندما يحترق هو بلهيب الإقصاء، لكن إن تنعّم بالالتفاتة الكريمة، فإنه يلهج بالإطراء على الإعلامي أو ذلك البرنامج الثقافي، وذلك الفضاء الإبداعي حتى لو أقصيت الأغلبية، تماشيا مع المثل القائل بعدي والطوفان.

  لاحظت صمتا غريبا من أغلب الكتاب وخاصة منهم رفقاء الدرب فلا استجابة لصفحتي بالفايسبوك وما أثرته من إشكالية تسليم مفاتيح بيت تونس للرواية لعنصر هاجم بوقاحة النادي الثقافي أبو القاسم الشابي أعنف هجوم وهو أعرق نادي ثقافي بالبلاد ومنه مر أغلب كتاب القصة والرواية، واستأثر في ندوة الربيع العربي بعيون الروائيين بتمثيل تونس مع كمال الزغباني وسمير ساسي، واتهم كل الروائيين التونسيين بأنهم كتاب الرواية السعيدة بصيغة تهكمية، وكأنه يلغي كل ما قبله من أعمال روائية وينظر لبداية حقبة روائية جديدة مع  روايته ـ المشرط ـ وها هو في بيت تونس للرواية يقصي أغزر الكتاب، ويخزي العين بالمقربين منه، أما من يحترمون أنفسهم ولا يهرولون نحوه تزلفا  فجزاؤهم البعاد.

  لو كنت أريد ترضية كمال الرياحي لهرولت نحوه محملا بجديد إنتاجي، وهذا ما يريده الإعلاميون الجدد أمثاله، ولقدمت له الولاء فلا شك أنني سأنال رضاه وتزكيته وستضافني في برامجه الإذاعية والتلفزية، ولكنت ضمن فعاليات بيت تونس للرواية، لكن ما تربيت عليه من عزة نفس تمنعني من هذا الإذلال، فقد تعودت على إعلاميين يقتحمون عليك مكتبك، وناديك، ومجلسك الأسبوعي بالمقهى يقتنصون منك جديد إنتاجك للإعلان  والكتابة عنه، لكن بعد الثورة استأسد الإعلاميون الجدد حتى الذين ينتسبون للأدب، وفرضوا عليك أن تهرول أنت إليهم طلبا رضاهم بأن يتفضلوا عليك بذكر حتى اسمك وعنوان كتابك، وهذا لن يكون معي أنا على الأقل.

أيها الرفاق المبادئ هي الباقية والكل إلى زوال، وكذلك كمال الرياحي، فالذي نال غيرك قد ينالك غدا، البرمجة السليمة هي التي تعطي كل كاتب في مجاله فرصة للظهور، والتاريخ هو الغربال، وليس الأفراد مهما علا شأنهم العلمي.
  سنغلق وقتيا هذا الملف، ونراقب حال بيت تونس للرواية من بعيد، فهل يكبر كمال الرياحي مع بيت كل الروائيين أم سيبقى على حاله، وهل سيتتدخل السيد  وزير الشؤون الثقافية لتعديل المسار وتمنع عن هذا البيت ما يجعله محل انتقاد من من أجلهم أسس البيت.

تعليقات