اللغة العربية في السياسات التربوية والتعليمية

اللغة العربية في السياسات التربوية والتعليمية في العالم العربي
 تعزيز أم تدمير ؟
قراءة في التجربة المغربية  



د. الزهرة إبراهيم-
 أستاذة باحثة في قضايا المسرح والأنثروبولوجيا والديدكتيك- المملكة المغربية

سنة بعد أخرى، يتراجع ترتيب التعليم بالمغرب على المستوى الدولي، وتدل المؤشرات على أن المعضلات بنيوية يتداخل فيها القرار السياسي بالإكراهات الاقتصادية بضبابية فلسفة التعليم في بلد يظل مجتزَأً بين حدّيْ الأصالة والمعاصرة، كاختيار لم يعرف طريقه إلى التوفيق مطلقا، بين سلة مطالب حضارية متعارضة، منذ فجر استقلال البلاد سنة 1956 إلى ما يقارب منتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة.

في سنة 1978، اختار أصحاب القرار السياسي، والتربوي والتعليمي تعريب مواد التدريس كلها، واختزلت اللغة الفرنسية إلى مجرد لغة أجنبية أولى بعد أن ظلت طيلة المرحلة الاستعمارية، وسنوات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لغة العلوم، والفلسفة والاجتماعيات، والتكنولوجيا، والتربية البدنية والفنية، والنسوية، وتم تصنيف اللغة الإنجليزية والإسبانية والألمانية كلغات أجنبية ثانية حسب اختيار التلميذ. لكن المفارقة التي نسجلها، من داخل حقل تكوين أساتذة التعليم المدرسي، هو أن مستوى اللغة العربية في هذه المرحلة التي كانت تُدْرَسُ كلغة فحسب، قد بلغت أوج عطائها إن على مستوى الاكتساب السليم أو الإنتاج الفكري والإبداعي، بينما نشهد حاليا تعثرا جوهريا في التعاطي مع هذه اللغة التي تتراجع إلى خلفية المشهد داخل مجتمع يتحكم فيه سوق عمل أجنبي بامتياز، ولا مكان فيه للغة العربية لأنها لغة لا تساير مطالب السوق الدولية في المقاولة والاقتصاد.

ينكشف وجه آخر لمعضلة اللغة العربية حين تفكر الجهات الرسمية في إصلاح الشأن التعليمي، فإنها تستدعي خبراء أجانب لا يربطهم حبل سُرِّيٌّ بهذه اللغة، ومن تم، وتحت إملاءات صندوق النقد الدولي، وضغوط دولية أخرى، مظهَرة ومضمَرة، تتلاشى رهانات إنعاش وضع اللغة العربية، والرقي به، تدريجيا، حتى لا تنهار، وذلك باعتبارها دعامة أساس لهويتنا الحضارية.

يضاف إلى هذا، ما يشهده الواقع الاجتماعي المغربي، على غرار مجتمعات عربية أخرى، تحت يافطة حقوق الإنسان، من تنامي المد اللَّهجي المتعصب لتوجهات إثنية ضيقة، ومتشنجة تمتد جذورها إلى الظهير البربري سنة 1930، وذلك بإيعاز من الخصوم التاريخيين للغة العربية، فلا يعمل هذا الوضع إلا على هدم كيان لغة عريقة شادت صرح الحضارة الإنسانية طيلة قرون، بل، بمقدورها أن تنخرط، بشكل ناجع، في الدينامية الحداثية الراهنة لو تم توفير الشروط الموضوعية لها.

بالرغم من هذه المثبطات وغيرها، ألسنا قادرين على تدارك الوضع، بدءا من مراكز تكوين وتأهيل أساتذة اللغة العربية، أولا، وأساتذة المواد المعرَّبة، ثانيا؟ ألا تحتاج طرق تدريسنا للغة الضاد إلى صياغة جديدة تحبب للنشء لغته، فيتعامل مع إمكاناتها كمقدرات لا تنضب ولا تُمَلّ؟

ألا يدخل في صلب مسؤوليتنا - كمدرسين للغة العربية- أن نجابه ما ينخر يوميا كيانها، داخل الأسرة، وفي الفصول الدراسية، وفي الشارع، وعبر  مختلف وسائل الاتصال والإعلام؟

ألا يشكل ضياع اللغة العربية، في عالم عولمي، خطرا حقيقيا على مستقبل الإنسان العربي يقتضي من القيادات العربية اتخاذ تدابير فورية، واستباقية قد لا تصل تكاليفها إلى ما ينفق على السلاح، والإعلام، وأشياء أخرى؟!

أولا- التعليم المغربي تحت مجهر اليونسكو

ليس مشرفا لمغرب الألفية الثالثة المتشبع بفكرة الحداثة أن يُصَنَّف ضمن الإحدى وعشرين بلدا المتخلف تعليميا حسب تقرير "التعليم والتعلم: تحقيق الجودة للجميع"1 الذي أصدرته منظمة اليونسكو في 25 يناير 2014، والذي ينص على أن 35 % من التلاميذ المغاربة يصلون فقط إلى القسم الرابع ابتدائي، ويفكون بالكادّ أبجديات القراءة والكتابة، كما أن 50 % من الأطفال المغاربة عاجزين عن قراءة جملة واحدة. وترتبط هذه الأرقام المهولة بانتماء هؤلاء إلى الطبقات المسحوقة اجتماعيا بشكل يتنافى مع الحق في التربية والتعليم، والهوية الثقافية، والمشاركة الثقافية، وحقوق التأليف والإبداع... إلى جانب قائمة الحقوق الاجتماعية، والاقتصادية، والنفسية الأخرى، التي صادق عليها المغرب ضمن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وتمت برمجتها للتدريس ضمن ما سمي، بداية الألفية الثالثة، بـ : "التربية على حقوق الإنسان"2  وقد دعا التقرير إلى وجوب قيام وزارة التربية الوطنية بدور حقيقي للرفع من مستوى التعليم والمدرِّسين حتى يحظى أبعد طفل قروي بتمدرس لا يقل جودة عن نِدٍّ له في المدينة. إنها نفس المطالب التي تضمنها "تقرير 1990-1992" 3 المقدم إلى الدورة الثالثة والأربعين للمؤتمر الدولي للتربية بجنيڤ، إلا أن نفس الأوضاع تظل مستمرة بعد ذلك باثنتين وعشرين سنة، ولا زالت إلى أجل غير مسمى.
داخل هذه الرداءة المسجَّلة، يجدر بنا مساءلة وضع اللغة العربية داخل منظومة تعليمية لم تعرف، بعد، طريقا صحيحا إلى إصلاح يصل بها إلى مصاف المنظومات المنتِجة تربويا وعلميا وحضاريا.

ثانيا- تعريب المنظومة التعليمية: تاريخ من العثرات والتراجعات

لعل العمل الذي أنجزه خبراء مغاربة، وممثل برنامج الأمم المتحدة بالمغرب، ونظرائه في عدد من المنظمات الدولية  تحت عنوان "تقرير الخمسينية" سنة 2006- بعد خطاب الملك محمد السادس في 20 غشت 2003 لتقييم حصائل المغرب في جميع المجالات خلال نصف قرن من الاستقلال، وذلك بهدف بلورة "رؤية مستقبلية واعدة وذات قدرة تعبوية حول آفاق التنمية البشرية بالمغرب"4، وخصوصا في الفصل الثالث المتعلق بقضية التعليم- يقدم كشفا موضوعيا لواقع المنظومة التعليمية التي إن صحت تصح بصحتها كل القطاعات، وإن اعتلَّت تودي بالمشروع التنموي الوطني نحو الفشل الذريع، وذلك باعتبار التعليم عصب حياة المجتمعات وباني تقدمها.
لقد صاغ هذا التقرير ما سماه: المشاكل المتواترة للمنظومة التربوية بين وضوح التشخيصات وقصور العلاجات، في ما يلي:"1- اختلال العلاقة بين التربية والاقتصاد / 2- الإخفاق في مجال محاربة الأمية / 3- ضعف القدرة الإدماجية للمنظومة التربوية / 4- تعثر الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية للمنظومة التربوية / 5- التقهقر التدريجي للمردودية الداخلية، اللاتمدرس واستفحال ظاهرة التسرب بدون تأهيل / 6- التذبذب في تدبير السياسة اللغوية"5.
وحيث شكل تعريب التعليم المغربي - ثالث المبادئ الأربعة التي بنت عليها "اللجنة الملكية" منظورها لتأسيس تعليم وطني غداة الاستقلال في 28 سبتمبر 1957- عنصرا إشكاليا في فلسفة الإصلاح، وقتذاك، لأنه "كان لا ينجَز عن اقتناع من طرف المسؤولين بقدر ما كان يتم تحت ضغط الرأي العام"6، فإن التطورات السياسية والاقتصادية الوطنية7، من جهة، منذ قيام حكومة عبد الله إبراهيم سنة 1960، ثم إسقاطها، وما تلا ذلك من انشقاقات وتحالفات إلى حدود الانقلابين العسكريين سنتي 1971 و1972، ودخول البلاد في نفق سنوات الرصاص، والإضرابات، والمحاكمات، وبعدها الجفاف الذي ضرب المغرب ما بين 83- 1985، ثم تطورات الساحة الدولية، من جهة ثانية، بدءا بتباين المواقف الأجنبية حول قضية الصحراء المغربية منذ 1975، وارتفاع سعر البترول بداية 1980، وتدخل صندوق النقد الدولي لإعادة جدولة الدين الخارجي المتفاقم، وإملاء رزمة "إصلاحات" قسرية، تزامنت مع ارتفاع نفقات التسليح لمواجهة جماعة البوليساريو، وكذا تخصيص ميزانية مهمة لتنمية الأقاليم المسترجعة، قد نسجت تاريخا من الإخفاقات لم يعرف معها التعليم المغربي وضعا صحيا يبوئه موقعه الموضوعي ليصير هو المتحكم في الاختيارات الحقيقية لما يضمن ارتقاء مجالات التنمية نحو الأفضل.
داخل هذه الأوضاع المشتبكة، يمكننا مقاربة "مبدأ تعريب التعليم" كما الآتي:

  التعريب في الخطاب السياسي: شكل أثناء الاستعمار وغداة الاستقلال مطلبا مثاليا دعا إليه الوطنيون، وغالبية النخب لأغراض متباينة - لم تنكشف إلا فيما بعد- وتحمست له شرائح الشعب، وطبقته المتوسطة التي اعتبرت التعريب أولوية أساسا في بناء الشخصية المغربية، وخلاصا من "الأجنبي الكافر"، وبناء مشروع وطني متكامل البنيات. لكن تعاقب الحكومات في ظل صراعات حزبية ضيقة، واستماتة متلاحقة للوصول إلى السلطة، حوَّل تعريب الإدارة والتعليم إلى ورقة ضغط للمساومة بين أطراف متباينة في تصورها للمشروع الوطني، وفرض توازنات من أجل مصالح استفادت منها "النخب" الموالية لمبدأ التعريب أو المناوئة له على حد سواء. والواقع أن تحكم التوجيه السياسي في مصير التعليم هو المنطق الذي لا زال سائدا، وهو ما سيؤثر سلبا على وضوح الرؤية والرؤيا ذلك أنه "في كل مرة يتسلق فيها التعريب بعض الدرجات في سلم تعليمنا إلا وكانت "الخطوة" التالية هي الرجوع إلى الوراء بأسرع ما يمكن. إن أسطورة "سيزيف: الخيالية قد وجدت أخيرا تحقيقها الواقعي المشخَّص فيما يدعى عندنا بـ «مشكلة التعريب»"8. وعلى مستوى آخر، يعتبر قرار تعريب التعليم ما بين 1970-1977 في كل من تونس والمغرب9 من أهم الإجراءات المستهدفة لنسف "القواعد الإيديولوجية للاحتجاجات اليسارية" للقطع مع التأثر بأفكار تسربت إلى تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات المغاربيين عن طريق الكتب، والمنشورات، والمجلات، والإذاعات، خصوصا، تلك الناطقة باللغة الفرنسية.

التعريب في الخطاب التربوي: انطلق، منذ البداية، انطلاقة متعثرة لأنه تم بكيفية متسرعة ومبتسرة، سواء على مستوى المناهج أو المقررات الدراسية أو الموارد البشرية المكلَّفة بالتدريس. وظل هذا السيناريو مرافقا لصيرورة التعليم الذي يعيش - بعد ثمانية وخمسين سنة من الاستقلال- نفس الارتباك، ونفس النقص في التأهيل اللغوي والديداكتيكي الذي لا يخدم اللغة العربية، سواء كحاملة للمعرفة أو كمعرفة في حد ذاتها. وإذا كان المشروع الأول قد أكد على قيمة هذا المبدأ وسطَّر له إجراءات تحقيقه، فإن ما تلاحق، بعدئذ من مخططات ثلاثية وخماسية، سجلت تراجعا مريبا حول المطلب الذي انتهى تعويمه منذ بداية 1980 في سلة مطالب تسعى إلى تشكيل متعلم مغربي متفتح على اللغات، والعلوم، والثقافات. وإلى حدود 1996، ظلت الأهداف المسطرة للتعريب محض انتظارات وفق ما ورد في وثيقة وزارية تبني تصورها لتجديد منهاج اللغة العربية بالتعليم الثانوي على أنه "يُفترَض أن يكون المتعلم قد اكتسب خلال مرحلة التعليم الأساسي (ابتدائي 6 سنوات، والإعدادي 3 سنوات) رصيدا معجميا وظيفيّا، وتعرَّف على أهم القواعد والمبادئ الضابطة للغة العربية التي تضمن له حدا أدنى من القدرة على التعبير السليم نطقا وكتابة"10 لتنتهي، بما ورد في "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" سنة 2000، ثم ما جاء في "الكتاب الأبيض" بخصوص "معالجة الكفايات التواصلية بشكل شمولي في المناهج التربوية: ينبغي إتقان اللغة العربية، وتخصيص الحيز المناسب للغة الأمازيغية، والتمكن من اللغات الأجنبية"11، وما تناسل منه من مشاريع منقحة لم يعد هاجسها غير منح التعليم المغربي، الذي يبقى تحت مجهر القوى الغربية، مصداقية دولية، لأنه يبدو عازما على صياغة إنسان يملك ملمح المواطن العالمي الذي لا يُخشى انكفاؤه على نفسه، ولا يصبح خطرا على الأمن والسلم والتسامح وطنيا وجهويا ودوليا، ولذلك تكررت في ديباجة كل إصلاح مبادئ من قبيل: "1- التمسك بالعقيدة الإسلامية وما تنص عليه من تسامح وانفتاح. 2- الانخراط الإيجابي في الحداثة، وترسيخ ثقافة الديموقراطية، والمواطنة، وحقوق الإنسان"12.

 التعريب في الخطاب الاجتماعي: نرصد حاليا في المجتمع المغربي وضعا مفارقا للغة العربية: ففي الوقت الذي نجد نوعا من القهقرى في تشبث المتعلم المغربي باللغة العربية - وذلك بعزوفه عنها قراءة وكتابة، إما بالتخلي عن التعليم نهائيا، ثم الانحدار في مزالق الأمية، أو بطلب تعليم نوعي بلغات أجنبية، موقف تعود جذوره إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي- وذلك للتسلق إلى مسالك الشهادات العليا والدبلومات المولِجة إلى أسواق شغل ممتازة لا مكان للغة الضاد فيها، حيث "دخلت شرائح من الطبقات المتوسطة والفقيرة إلى دائرة النخبة الاجتماعية التي هيمنت منذ 1945 على أسلاك التعليم"13 فإننا نجد، على العكس من ذلك، اطرادا متزايدا في كم ونوع المؤلفات المغربية باللغة العربية في مختلف حقول المعرفة، والتي ينتمي مؤلفوها إلى جيل ما بين 1940 و1965 الذي تعلم في المدرسة المغربية الأصيلة أو العصرية حيث كانت تُدَرَّسُ اللغة العربية واللغة الفرنسية بشكل جيد - مقارنة بستينيات وسبعينيات القرن الماضي، بالرغم من المنافسة الشرسة التي يتعرض إليها الكِتاب والنشر الورقي من لدن الوسائط التكنولوجية الرقمية، لكننا لا نضمن هذا الوضع حين يؤول الإنتاج الفكري بهذه اللغة إلى الأجيال اللاحقة، لأن جميع المؤشرات الملتقطة على مستوى الجامعات، تسجل اندحارا في مستوى امتلاك ناصيتها.
         وبالنظر إلى ما يتوقع تلاميذ الشرائح العريضة جنيه من التعليم، يظل "النظام المدرسي يثبت، بل يؤكد التباينات الثقافية بين التلاميذ (وظيفة الرأسمال الثقافي الأسري): التشديد على سيرورات الإرث وإنتاج أوضاع مهيمنة (تلك التي تحرك مختلف أنواع الرأسمال)" 14 وهكذا، فإن مبدأ "إعادة إنتاج" "الكفاءات الفرنكفونية" المسيِّرة للشأن الوطني المغربي يحاول، ما أمكن إقصاء "أبناء الطبقات الشعبية المُعَرَّبَة" من دوائر القرار، ويعمل بالتالي على إقصاء اللغة العربية من واجهة المشهد الحضاري.

ثالثا - تعريب التعليم: من الاختيار الوطني إلى الإكراه العولمي والتبرؤ من تهم التطرف

بقدر ما كان مبدأ تعريب التعليم سنة 1958 خيارا وطنيا نابعا من تصور شمولي لإقامة مشروع وطني لمغرب مستقل عن السلطات الإمبريالية التي تقاسمت أراضيه وموارده، بقدر ما تحوَّل إلى «مأزق من بين المآزق الأربعة» - على حد تعبير محمد عابد الجابري- ينبغي التخلي عنه ضمانا لمآرب ومصالح تقتضيها تبعية المغرب المستمرة للقوى التي تقود العالم حضاريا. إن مسألة التعريب هي "ورطة" لم يحسن أصحاب القرار حسابها، وبالتالي، لم يحسموا، إما في أمر بقائها مستوية متطورة في تاريخها ومنجزها، وإما في التخلي عنها بجرأة ومسؤولية أمام الرأي العام الوطني، بل ظلوا في حيص بيص من أمرهم، فيهللون لها، حينا، ويجافونها، أحيانا أخرى، حسب المد والجزر السياسي الوطني والدولي. ويكفي أن نشير، على سبيل الذكر لا الحصر، إلى أن موافقة الملك الراحل الحسن الثاني على قرار تعريب التعليمين الأساسي والثانوي لم يكن سوى استقطابا لكتلة حزب الاستقلال القوية، حينذاك،- الذي طالما تعصب زعماؤه السلفيون لمبدأ التعريب بشكل مطلق- وذلك من أجل تقوية الجبهة الداخلية، ودعم موقف الملك في قضية الوحدة الترابية نهاية سبعينيات القرن الماضي حين تحالف ضده، بضراوة، الموقف الرسمي في كل من الجزائر وليبيا، على وجه الخصوص، بدعم من الاتحاد السوڤياتي وكوبا، ومن كان يدور في فلكهما من الدول والمنظمات.

رابعا - الوعي المجتمعي بأكذوبة النخب: مواقف ومواقف مضادة

لقد لعب الاحتقان السياسي، الذي بدأ يتراكب بعد 1964 بتعثر أول حكومة منتخبة بشكل توافقي، دورا كبيرا للكشف عن حقيقة اللعبة السياسية في المغرب، وزيف الشعارات التي ما فتئت النخب ترفعها باسم المصلحة العليا للبلاد، لكنها لم تكن لتقود، في نهاية المطاف، سوى نحو غايات رسمتها هذه النخب الاجتماعية والسياسية لتحقيق مصالحها الخاصة، حيث استفادت إما من علاقاتها بالمخزن، وإما من علاقاتها بفرنسا، وعملائها الذين خلفتهم وراءها في دواليب الاقتصاد، والإدارة للسهر على استمرار نموذجها الحضاري الذي يضمن غاياتها الحيوية بـ "مستعمَرة ممتازة"، وما يدر عليها بقاؤه من عائدات مادية، ورمزية تؤمِّن هيمنها في شمال غرب إفريقيا بصفته نقطة جيوستراتيجية لا يتحكم فيها سوى "الكبار".
         أمام هذه التجاذبات، والمصالح التي لم يجن منها المواطن البسيط سوى تبعات الفقر، والبطالة والتهميش، والأمية، والجهل، واتساع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، وعت شرائح المجتمع العريضة أن فكرة تعريب التعليم لم تكن سوى "أحجية شغلت بها النخب انتباهها" لتنفرد هي بـ "الغنائم النفيسة"، فالمناصب المدنية والعسكرية المهمة، والسامية في البلاد ظلت متداولة بين أبناء الأعيان، والمتخرجين من المعاهد والجامعات الفرنسية أو الأجنبية الذين لم يتلقوا تعليما معربا، فجاء رد الفعل عمليا لدى العديد من الأسر، فحولت مسار أبنائها إلى تعليم البعثة الفرنسية، أو عدد من مدارس التعليم الخصوصي التي تعد ذيولا له، أو بعثتهم بعد حصولهم على الباكلوريا، خصوصا، إلى أوربا الغربية، أو إلى الاتحاد السوڤياتي، وقتها، وبصورة أقل من الوقت الراهن، إلى أمريكا وكندا، للحصول على شهادات ودبلومات في الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، ليشكلوا، بعد سنوات، طبقة صاعدة بدأت تنافس أبناء العائلات العريقة في المناصب والمواقع المهمة في الدولة.

خامسا- الحلم بملمح المواطن العالمي

نرصد هذا الحلم، الذي أنجبته العولمة، على صعيدين اثنين:
1
 -على الصعيد الرسمي المتعلق بخيارات الدولة في مشاريع إصلاح التعليم الأخيرة، وقد بدا ذلك واضحا منذ تسعينيات القرن الماضي حين شهد العالم مد الحركات المتطرفة تحت يافطة الإسلام، وباعتبار اللغة العربية لغة القرآن "حامل هذا الإسلام" فقد صارت تهمة، مضمرَة أو مظهَرة تحرج أهلها أمام الغرب خاصة، والعالم عامة، إلى درجة أن الإلحاح على مبدأ التعريب لم يعد واردا، بل عوضته شعارات ومبادئ تبشر بتهييء نشء صالح، قادر على التعايش، متشبع بمبادئ السلم، والمحبة، وقبول الاختلاف، والحوار مع الآخر، فيصير بذلك، بارّاً ليس بوطنه فحسب، بل بالإنسانية جمعاء! لكن المفارقة أن هذا الوضع قد حفز عددا من المؤسسات الغربية لتعلم اللغة العربية، وفك خطاباتها مباشرة من دون وسيط "عربي" لأخذ الحيطة والحذر مما يروج على مواقع الجماعات المتطرفة من مخططات لاستقطاب الشباب العالمي، وتأليبه ضد "القوى الكافرة" وأتباعها، وضرب مصالحها الاقتصادية والديبلوماسية سواء داخل بلدانها أو في الخارج.
2 -على صعيد الأفراد، يعيش اليافعون والشباب المغاربة، حاليا، ذكورا وإناثا، نوعا من التهافت على الانتماء إلى العالم الغربي - شأنهم في ذلك شأن معظم شباب جنوب الكرة الأرضية - الذي يتصورونه إلدورادو اليائسين من الحصول على شغل لا يؤمن الحاجيات المتزايدة للفرد ولأسرته داخل مجتمعاتهم المبتلية بالاستهلاك غير المُرَشَّد في مظاهر الحياة المادية، ولكن، ليشبع أحلامهم في حياة افتراضية ساهم الانفتاح الإعلامي في إدخالها ضمن تمثلاتهم لمستقبل يسري عبر الألياف الضوئية، ساهمت فيه شبكة الأنترنت، والقنوات الفضائية، والهواتف الذكية، بشكل مقلق. ونظرا لاضطرارهم إلى التواصل مع مواطنين لا يعرفون اللغة العربية، كثر إقبال هؤلاء الشباب على الدروس الخصوصية للغات: من فرنسية، وإنجليزية، وألمانية، وإيطالية، وإسبانية، وروسية، وتركية، بل إن طموحهم اللغوي لغايات اقتصادية واجتماعية أصبح يتسع ليشمل لغات آسيوية من صينية ويابانية. ونذكر في هذا الصدد إقبال الشباب، وبعض التجار، ورجال الأعمال المغاربة على تعلم اللغة الصينية، بالرغم من صعوباتها الصِّواتية، في معهد كونفوشيوس، وذلك في إطار شراكته مع جامعة محمد الخامس بالرباط، ثم استنبات نفس التجربة في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.

سادسا - تدريس اللغة العربية والتعدد اللغوي في الألفية الثالثة: نحو تصور مغاير

يكون من باب العبث الحديث اليوم عن الاكتفاء باللغة العربية في عالم عولمي مخترِق ومخترَق، لأن موقف القناعة بلغة واحدة، والتعصب لها، والانكفاء على مقدراتها لم يكن أبدا اختيارا سليما في أي عصر من عصور اللغة العربية. ولا نختلف إذا أقررنا بأن الرقي الذي أنجزته هذه اللغة - منذ بداية تقعيد النحو العربي حتى عصور ترجمة المخزون الفكري الإغريقي والفارسي واللاتيني والاشتغال عليه تنقيحا وإضافة وابتكارا- لم يكن سوى حاصل انفتاحها على غيرها من اللغات العالِمَة التي تلاقحت معها، وصاغت حلقة متينة في سلسلة الحضارة الإنسانية. لكن ما يؤذي اللغة العربية، حاليا، ليس تواجد لغات أجنبية محايثة لها داخل منظومتنا التعليمية، بل التراجع الذي لحقها على مستوى المكلَّفين بتدريسها، وطبيعة المقررات الدراسية الرديئة أو المكرورة التي تصوغها "لجان" لا تتوفر فيها المقاييس العلمية والأكاديمية والتخصصية لبناء مقررات ذات جودة للمتعلم المغربي تُطوِّر ذكاءاته وتوسِّع مجال إبداعاته، ثم الوسائط التعليمية التقليدية التي تصل عبرها هذه اللغة إلى أذهان المتعلمين ووجدانهم.
إن التعريب كما تم إنزاله وتطبيقه في المدرسة المغربية سنة ،1978 على أساس أنه المبتغى الذي ظل مرجَّأ منذ 1957، لم يكن سوى واحدا من خيارات لا تعكس قناعة حقيقية بهذا المبدأ، وهو ليس معزولا، ولا حالة خاصة عما يعيشه الفكر العربي الحديث والمعاصر "من محاولات مسترسلة تتأرجح بين اتخاذ موقف، وتحديد رؤية، واختيار منهج، إنه في جملته، محاولة متواصلة للبحث عن طريق"15   ونعلل ذلك بما يلي:
 × تعريب المواد العلمية أساء إلى اللغة العربية في قواعدها ومعجمها وأساليبها، شفهيا وكتابيا، لأن أساتذة هذه المواد تم تحويل محتوى موادهم إلى اللغة العربية دون تأهيلهم لغويا وتواصليا، فتحوَّل إنجاز الوضعيات البيداغوجية القائمة على تعليم وتعلم المعرفة العالمة إلى توظيف لغة غير عالمة، هي لهجة البيت والشارع، التي أتلفت الكفايات التواصلية باللغة الفصحى لدى المتعلمين.
× الانفصام بين ملفوظ التعريب وجوهره حيث إن تطبيق هذا المبدأ ظل ملتبسا كما تساءل عن ذلك جيلبير غرانغيومGilbert Granguillaume  "هل ينبغي في هذا التعريب الاكتفاء بترجمة مضامين التعليم العصري إلى اللغة العربية أم القيام بتغييرات جذرية تتوخى بناء شخصية وطنية ذات مميزات خاصة بها؟"16 أضف إلى ذلك عددا خطيرا من الأخطاء الإملائية واللغوية والنحوية التي يحصل ترسيخها بفعل تكرارها في أذهان المتعلمين فتتسرب إلى تعبيرهم المنطوق والمكتوب في منجَز اللغة العربية.
× تدريس مادة التكنولوجيا في السلك الإعدادي باللغة العربية، واعتماده اللغة الفرنسية في التعليم التقني بالمؤسسات الثانوية يرسخ فكرة عجز اللغة العربية عن احتواء التقدم العلمي والتكنولوجي.
× تهجين اللغة المستعملة في عدد من المواد المصنفة ثانوية مثل التربية التشكيلية، والتربية الموسيقية والتربية النسوية، والتربية البدنية حيث يستعمل المدرس (ة) لغات ولهجات مختلفة من فرنسية، وعربية فصيحة، وعربية دارجة، وإسبانية خاصة في أقاليم شمال المغرب.
× عدم الوفاء بتطبيق استراتيجية تطوير ديداكتيك اللغة العربية، فظلت مجموع التصورات حبرا على ورق مما أدى إلى تراجع خطير في أداء المدرسين، وفي تحصيل التلاميذ، ذلك أن الفوج الأول لباكلوريا تعريب المناهج سنة 1990 جابه معضلة الاندماج داخل الجامعة المغربية في التخصصات العلمية كالطب، والصيدلة، والرياضيات، والبيولوجيا، والعلوم الاقتصادية، والقانونية، والسياسية المُدَرَّسَة بالفرنسية، وأصبح الطالب عاجزا عن متابعة المحاضرات، وإنجاز البحوث سواء باللغة العربية التي درسها طيلة اثنتي عشرة سنة على الأقل، أو باللغة الفرنسية التي تلقاها على امتداد عشر سنوات أيضا، فشهدت الجامعة المغربية في مختلف شعبها تدنيا لغويا صارت بحوث الطلبة بسببه غير قابلة للقراءة مما استدعى اتخاذ تدابير مستعجلة لرفع مستوى اللغات والتواصل انطلاقا من الموسم الجامعي 2003-2004، لكنها لم تنجز على الوجه الصحيح، ولا زال المشكل قائما حتى وقتنا الراهن لأن "حماية اللغة تمر عبر تعليم سليم (...) وارتكاز هذا التعليم على أساليب بيداغوجية وديداكتيكية ملائمة، ومتطورة"17  إلا أن التعليم الذي سيصون اللغة العربية لم يوجد بعد. كما أن ضعف مستوى اللغة العربية  قد ساهم في تكرار التلاميذ بالمسلكين الثانويين: الإعدادي، والتأهيلي بنسبة 13 % حسب الدراسة الدولية الخاصة 18 لقياس مدى تقدم القراءة في العالم PIRLS من طرف IEA، كما جاء في تقرير المجلس الأعلى للتعليم بالمغرب  سنة 2008.

سابعا - اللغة العربية واللهجة الأمازيغية:  نحو تكريس أمية جديدة للمتعلم المغربي

إن إدخال اللهجة الأمازيغية، التي "تُستعمَل بتلوينات تختلف من منطقة إلى أخرى"19، إلى المدرسة المغربية، مع صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2000 الذي نص في الدعامة التاسعة منه على "التفتح على الأمازيغية" 20، بشكل تدريجي في المناطق الناطقة بها، لم يكن، في الحقيقة، إلا ليشتت ارتقاء التعليم، ويزج به في متاهة المتاهات، ويحول دون جودته، خلافا لما تم توقعه، بإدخاله إلى سلك التعليم الابتدائي، من "مساهمة في تحقيق الغايات الكبرى المحددة لنظام التكوين، وخاصة فيما يتعلق بالتربية على العقيدة الإسلامية، وقيم الهوية الحضارية، ومبادئها الأخلاقية والثقافية، وقيم المواطنة، وقيم حقوق الإنسان ومبادئه الكونية"21. ذلك أنه في الوقت الذي لا زالت مشاريع الإصلاح متعثرة في حسمها مع المبادئ أو المآزق الأربعة: "التعميم والتوحيد والتعريب والمغربة"، فتحت قرارات المسؤولين مسربا جديدا لا يفضي سوى إلى إرباك ذهن المتعلم، لأن الاستراتيجية التي تم وضعها لتدريس هذه اللهجة (ولا نقول لغة لأنها تحتاج إلى مقومات اللغة) كانت مرتبكة وناقصة، ورغم ذلك، لم يحصل تطبيق الحد الأدنى منها، لأن غالبية المتعلمين الذين افترضَ الميثاق تعليمهم الأمازيغية هم من ساكنة البوادي والجبال التي لا زالت البنيات التحتية، ومرافق التمدرس ووسائله بها قليلة وضعيفة، مما يشجع غياب التلاميذ والمدرسين، كما أن الأقسام المختلطة التي تجمع بين أكثر من مستوى تَحُول دون التركيز والاستيعاب السليم للدروس. وإذا كان الموقف الإيديولوجي، وليس العلمي، قد اعتبر إقرار الأمازيغية كلغة رسمية في دستور 2011 فتحا مبينا في تاريخ نضالات استنبتها الظهير البربري، وغذتها النزعات المناوئة للغة العربية وحضارتها إقليميا، وعالميا، فإن ذلك لم يكن سوى قبولا بالسيء اتقاء للأسوأ. إن تاريخ الإكراهات السياسية، التي ما انفكت تجني على التعليم، يعيد نفسه: فكما رضخت الإرادة العليا لمطلب التعريب سنة 1978 صيانة للوحدة الترابية للبلاد ليس إلا، فإن حركة 20 فبراير المندلعة في الشارع المغربي قد تم امتصاصها بالاستجابة شكليا لعدد من المطالب والشعارات ومن ضمنها الاعتراف بمشروعية الأمازيغية وتبويئها مكانة لغة رسمية في المغرب على غرار اللغة العربية، وذلك لتجنيب "الأمة المغربية" الارتجاجات والفتن الحادثة في دول عربية مجاورة وبعيدة لم تستطع أن تتكيف مع توجهات المد العولمي الذي "أبان عن وجود اتجاهين متناقضين يعتملان في العالم خلال الفترة الأخيرة: اتجاه أول يسير نحو تقوية دور عدد محدود من اللغات، واتجاه ثان يشجع على الإبقاء على لغات الأقليات الإثنية"22  فإذا كان قدر التعليم المغربي أن يظل ضحية إكراهات سياسية، وامتصاص صراعات إيديولوجية يقصر نظرها عن رؤية المصالح الحقيقية لبناء وطن متقدم علميا واقتصاديا منذ عهد الحماية حتى اللحظة الراهنة، فإنه لن يعول عليه أبدا في أن يصير رافعة حقيقية ودائمة للرقي المنشود. لهذا رأى المفكر ذي الأصول الأمازيغية، محمد عابد الجابري أواخر 1973، بعد تأمله تعثر مسألة التعريب طيلة سبعة عشر عاما من الاستقلال، جدوى "العمل على إماتة اللهجات المحلية البربرية منها أو "العربية" الدارجة (...) وتحريم استعمال أية لغة أو لهجة في المدرسة والإذاعة والتلفزيون غير اللغة العربية الفصحى"23. وهذا الرأي لو طرحه في السنوات الأخيرة، لعرّضه إلى محاكمات باسم حقوق الإنسان والأقليات.

فالأمازيغية التي يتصارع دعاتها مع اللغة العربية لنبذ تاريخ عريق من العطاء الإنساني، مستنفرين في ذلك طروحات عدائية ضد العنصر العربي ولغته وثقافته، هي نوع مما سماه عبد القادر الفاسي الفهري  بـ "النبذ اللغويLinguicide  قياسا على النبذ العرقي Genocide"24 ليست إلا نوعا من المشاكل المزعومة والمغلوطة التي وقعوا في أحابيلها بدل الدفاع عن قضايا جوهرية في حياة المغاربة. ويبدو أن تنامي مشاكل الأقليات ذات البعد اللغوي أو الثقافي أو العرقي عبر العالم، كرد فعل عن تعميم النموذج العولمي، قد اجتذب عددا من المثقفين المغاربة المتعصبين للأمازيغية لينخرطوا في "استثمار سياسي وإيديولوجي لهذه النزعات في مجمل الدراسات المحلية والدولية باسم الدفاع عن الهوية العرقية أو الثقافية"25. وإذ تأكد، لدى كثير منهم، عداؤهم للغة العربية، واعتمادها سببا لخلق فجوة مع الآخرين من أبناء وطن لم يشهد في السابق هذا المد الخطير من التمييز بين عناصر الشخصية المغربية، فإنهم لا يستعملون في تواصلهم سوى لهجتهم الأمازيغية، وحين لا يسعفهم معجمها وقواعدها يتحولون إلى اللغة الفرنسية أو الإسبانية، من غير حرج، يسترفدون لفظها وسجلها اللغوي. إن فحصنا "المعجم الأمازيغي الفرنسي- لغة فجيج ونواحيها"26 يبين أن الأمازيغية تغرف من معين المعجم العربي الفصيح بلا حساب، تماما كما هو الحال بالنسبة إلى العربية الدارجة المغربية التي هي "أقرب إلى الفصحى من كل عامية أخرى"27، كما أن "المعجم العربي الأمازيغي"28 يبدو في القواعد الصرفية التي حددها للأمازيغية نسبيا وانتقائيا، لأنه لم يستحضر سوى نوعا واحدا من "أمازيغيات" المغرب فكيف يمكن منحها صفة "اللغة الرسمية لكل أمازيغ المغرب" ؟

نموذج من يافطات المؤسسات التعليمية المزاوِجة بين اللغة العربية  والأمازيغية خصوصا في المناطق ذات التنوع الإثني جنوب المملكة المغربية

إن تعليم الأبجدية الأمازيغية "تفيناغ" للطفل الناطق بها جهد لا أفق له للأسباب التالية:
× هذه الأبجدية لا تُفهَم ولا تُكتَب ولا تُقرَأ حتى من لدن غالبية المتعصبين لها، ولا تظهر سوى كتشكيلات تنمق واجهات الإدارات والمؤسسات العمومية.
× الأمازيغية في حاجة إلى شرط التوحيد بين "تَشَلْحِيتْ" وتَمَازِيغْتْ" و"تَرِفِيتْ" على مستوى مخارج بعض الحروف وصفاتها، وأيضا على مستوى المعجم والقواعد.
× تنقية المعجم الأمازيغي من كثرة الدخيل الذي يسترفده من لغات أخرى متباعدة في بنيتها وقواعدها.
× الهوة الحضارية بين الأمازيغية وإنتاج المعرفة العالمة تقاس بعشرات القرون، وحتى في حال إنتاج هذه المعرفة، فلن يتم تداولها لا وطنيا، ولا إقليميا فبالأحرى عالميا.
وقد تأكد لدى أصحاب قرار إدخال الأمازيغية إلى منظومة التعليم المغربي، أولا، أنها لم تحقق حتى الحد الأدنى من أهدافها بقدر ما ساهمت في تعميق تراجع مهارات التعلم لدى الأطفال الذين تتبدد طاقتهم العقلية بين تعلم ثلاث أبجديات، وثلاث لغات في مرحلة التعليم الابتدائي، على خلاف الطفل الأوربي، مثلا، الذي يتعلم أبجدية واحدة للولوج إلى عدد كبير من اللغات، وثانيا، أن هذا القرار قد عمل على إقحام طروحات متعصبة في دائرة النقاش المجتمعي حول التعليم ساهم فيها عدد من دوائر المجتمع المدني الأمازيغي، جاهلا أو متجاهلا أنها "لغات لم تعد تستعمل إلا  ضمن وظيفة يحكمها هَمُّ الهوية.. وأنها تستخدم من قبل أقليات عاجزة عن توفير وسائل تطورها أبعد من حدود معينة، فإن هذه اللغات لم تعد تمثل أي خطر على اللغات السائدة على الصعيد الوطني أو الإقليمي"29. وحري بمخططي السياسة التعليمية، التي تحدد مستقبل المغرب، أن ينتبهوا إلى مخاطر إتلاف الرأسمال العقلي للرأسمال البشري المغربي حتى لا يقحموا الأجيال الصاعدة في متاهات أمية لا أول لها ولا آخر.

ثامنا - اللغة العربية وصراع البقاء أمام سلطة المال وسعة الآمال

يقول ابن خلدون: "اعلم أن لغات أهل الأمصار إنما  تكون بلسان الأمة أو الجيل الغالبين عليها أو المختطين لها"30 ألا ينطبق كلام صاحب "المقدمة" هذا على وضع اللغة العربية داخل بلد استرد سيادته السياسية، لكنه لا زال تابعا للعالم الغربي اقتصاديا، وعلميا، وتكنولوجيا، وثقافيا، وتربويا أيضا؟
1-اللغة العربية وسوق الشغل: من بين العناصر التي خلقت فجوة بين اللغة العربية وسوق الشغل هو التعريب المجتزأ للإدارة المغربية التي لم تستطع أن تتخلص من فكرة ترجيح اللغة الفرنسية، ومنحها السيادة في هذا النوع من المعاملات. وكما يفكر هيغل: "السيد يحتاج أن يكون معترفا به من طرف العبد (...) الغالب يستمد سلطته من الاعتراف البسيط لذلك الذي اعترف بغلبته كشرعية"31، ذلك أن المؤسسات المتحكمة في الاقتصاد لا زالت تتعامل باللغة الفرنسية كالبنوك، والمقاولات وكبريات المؤسسات الاقتصادية، وكذا المدارس العليا، والمعاهد المتخصصة في تكوين الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية في التخطيط، والتسيير، والتدبير، والمحاسبة، والاتصال الذين يعتبرهم بيير بورديوPierre Bourdieu  "مالكين لكفاءة معينة يدافعون على قيمتهم الخاصة كمنتجين لغويين من خلال الدفاع عن سوق معينة تلائم منتجاتهم اللغوية الخاصة"32، ولم يشمل تعريب الإدارة سوى المجالات الأقل حيوية، وخير مثال على هذه الازدواجية مجال التعليم الذي تم تعريب إداراته ومصالحه، باستثناء مصلحة الأجور وبيان التزام الموظفين، فلا زالت وثائقها تعتمد على اللغة الفرنسية.
ولا يخفى على متتبعي المسألة اللغوية بالمغرب انجذاب الجيل الصاعد إلى اللغة الإنجليزية أكثر من اللغة الفرنسية، وذلك لتوقعاته المستقبلية بها كتأشيرة أكيدة نحو فرص العمل الجيدة، وما تدره من امتيازات مالية، واجتماعية له إلى درجة أصبحت تخيف المعسكر الفرنكفوني، حيث يسعى بكل الوسائل إلى الإبقاء على مناطق نفوذه اللغوي الذي يؤمن له أنواع النفوذ الأخرى.
2-التراجع الزمني لحصص اللغة العربية: لقد كان من بين تبعات تعريب المواد الدراسية، تقليص حصة تدريس اللغة العربية، مثلا، بالمستوى الإعدادي من خمس إلى أربع ساعات، وتم بذلك إلغاء حصة التطبيقات على قواعد اللغة العربية التي كانت مختبرا لتصحيح اللسان العربي وترسيخ قواعده بتمارين الشكل والإعراب والتحويل والصرف التي تلي، بعد يوم أو يومين، الدرس المنجَز في قواعد اللغة، وتنمي الكفايات التواصلية بها. كما أن مسلك الآداب والعلوم الإنسانية بالتعليم الثانوي التأهيلي لا يحظى سوى بأربع ساعات للغة العربية، على خلاف مسلك الآداب العصرية الذي تُخَصَّص له خمس، علما بأن طبيعة المقرر الدراسي لكلا المسلكين تلزمه على الأقل ست ساعات أسبوعيا لتحقيق نتائج حقيقية ونوعية.
لا غرابة إذاً أن يلقى التعريب نفس مصير الأهداف التي راكمتها أدبيات جميع "الإصلاحات المعتمدة حتى الوقت الحاضر والتي لم تقدم تغييرات ملموسة للمنظومة، لكنها ظلت جزئية فقط، بل بالأحرى سطحية"33. وحين تعثرت نتائج تلاميذ التعليم الثانوي في الشعب العلمية بسبب ضعف الكفايات التواصلية لديهم باللغتين العربية والفرنسية، بداية عقد التسعينيات، سارعت وزارة التربية الوطنية إلى إدخال مادة الترجمة لرأب هذا الصدع، غير أنه لم يحقق نتيجة ذات أهمية.
وبالرغم من تضافر مجموعة من الشروط المدمرة لتواجد اللغة العربية داخل منظومتنا التعليمية، التي لم تعمل مشاريعها المتعاقبة إلا على إفراغ مبدأ التعريب من محتواه وغاياته، ولم تستطع ضمان تعليم سديد لهذه اللغة جنبا إلى جنب مع اللغات الحية المفروضة بحكم علاقة الغالب بالمغلوب، كما يرى ابن خلدون، إلا أن هذه اللغة تظل محافظة على وجودها مقارنة باللهجات أو اللغات العامية التي يسعى بعض المغاربة إلى إحلالها محل لغة الضاد التي ستبقى "اللغة الأرقى في نسقيتها وقواعدها ومقدرتها وخصائصها اللغوية"34.

تاسعا- الإعلام وتدمير اللغة العربية
منذ سنوات خلت، كنا نؤاخذ على الإعلام المغربي والعربي المكتوب والمسموع والمرئي عدم احترامه قواعد النحو العربي بسقوطه في اللحن الذي يغير المعنى أو يفسده، ولا يفتأ هذا الوضع قائما بل متفاقما حتى يضاف إليه خطر إعلامي أشد ضراوة على اللغة العربية، خصوصا ما يتداوله الإشهار المدعوم بالصورة من خطابات لا هم لها سوى إغراء المستهلك وترويج المنتج. والواقع أن "الصعوبات الحقيقية التي تواجهها اللغة العربية في المجال العام، وتعاني من تبعاتها، تتعلق أساسا بـ "طغيان ثقافة الصورة على حساب الكلمة وضمور اللغة (...) فالإعلان التجاري الدولي يركز على الصورة والحركة والموسيقى والأغنية لِنَقْلِ أهدافه بقدر المستطاع دون الحاجة إلى الحوار"35، بينما يركز الإعلان التجاري المغربي، لا سيما الذي يتوجه إلى الفئات العريضة، على خليط لغوي يستبيح فيه كل شيء، وهكذا يتم توظيف الأبجدية العربية لكتابة خطابات يتداخل فيها اللفظ الفرنسي باللفظ العامي، من قبيل: ( شَارْجِي وَالرَّبْحَة غَاتْجِي). فالملفوظ (شَارْجِي) هو فعل الأمر الفرنسي: " Chargez "، أي "عَبِّئْ"، و(الرَّبْحَة) لفظ دارج ذو أصول عربية فصيحة: الربح مرة واحدة، و(غَاتْجِي): ستجيئ، وهو فعل مضارع دال على الاستقبال لاتصاله بحرف الغين الذي يعادل في النحو العربي "السين" المتصلة بالفعل المرتهن بالمستقبل. ولو احترم إشهار شركة الاتصالات هذا مكانة اللغة العربية لصاغ خطابه ، مثلا، كالآتي: « عَبِّئْ، الْفَوْزُ قَادِم ! »، أو "تِلِيفُونِي تَيْصُونِي" الذي هو خطاب إشهاري لأحد شركات الاتصال يمارس عنفا على الأبجدية العربية لأنه استعملها لملفوظ باللغة الفرنسية، وهو « Mon téléphone sonne »، إلاّ أنها لغة مُدَرَّجَةٌ، أي باللهجة المغربية الدَّارِجة، بحيث يتم نُطقُه كملفوظ عاميٍّ، ليس إلا.
والحال أن مسؤولية الدستور المغربي الذي يعتبر اللغة العربية لغة رسمية للبلاد، تجعله ملزما بحمايتها، ومن واجبه أن يُشَرْعِنَ للسلطة القضائية والتنفيذية معاقبة هذا العبث المشين في حق دعامة أساس من دعامات الهوية المغربية، وهذا على غرار الدول العصرية التي تزجر قوانينها "من يعيث فسادا في لغته، يستعدي عليها، ويسعى إلى إضعاف وظائفها في بيئتها، وهز استقرارها، وتهجين متنها، وتنفير من يسعى إلى تحصيلها، وتقليص الفرص أمام من يتملكها، وتوظيف لسان الغير إفقارا لها"36.
عاشرا - تأهيل أساتذة اللغة العربية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين: الاختلالات والبدائل
تسجل مراكز تكوين أو تأهيل أساتذة اللغة العربية بمسالك الابتدائي، والثانوي الإعدادي، والثانوي التأهيلي تراجعا في ملمح الطالب المفترض قبوله للتدريب داخل هذه المراكز، ونحدد ذلك في الآتي:
× مسؤولية الجامعة المغربية التي تمنح إجازات للطلاب لا يستحقونها، في الغالب، وذلك لعدم إنهاء المقررات، وانتشار الغش في الامتحانات، وضحالة البحوث، وغياب الإبداع في المرحلة الجامعية.
× غياب مصداقية مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، لا سيما في الشق الكتابي بسبب طبيعة الأسئلة ونظام التصحيح، والغش، والارتباك الذي يعتري نشر لوائح الناجحين عبر موقع الوزارة في شبكة الأنترنت.. يحول دون توفر "مَلْمَحَ الولوج" Profil d’accès كما تنص عليه الوثيقة الإطار لوزارة التربية الوطنية.37
× مسؤولية المكونين الذين، لا يلتزم معظمهم- حتى داخل شعبة اللغة العربية وديداكتيكها، وشعبة علوم التربية، ومجزوءات التشريع المدرسي، وتقنيات التواصل والإعلام، والحياة المدرسية والأنشطة المُمَهْنِنَة - بالتواصل باللغة العربية الفصيحة، وتعويضها باللهجة العامية كليا أو نسبيا.
× تأرجح الأساتذة المتدربين خلال الوضعيات المهنية بين التزام اللغة الفصيحة، واللجوء إلى العامية إما لقصورهم اللغوي، أو لتخوفهم من عدم تجاوب التلاميذ معهم فهما وإجابة بها.
× ضعف تطوير الأداء الديداكتيكي في اللغة العربية من طرف غالبية مدرسيها الذين يتمسكون، تهاونا، بالطرق التقليدية القائمة على التلقين والاختبارات الجافة، وذلك في غياب تكوين مستمر يقوم بتحيين الطرق والوسائل التعليمية التي تجعل اللغة العربية جاذبة وممتعة للمتعلمين.
× سوء تأطير، وتتبع، وتطوير البحوث التَّدَخُّلِيَّة التي ينجزها أساتذة اللغة العربية المتدربون في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، علما بأن معظمها يصب في الإشكالات الحقيقية لتدريس هذه اللغة.
× وضع مشاريع البحث العلمي - بهذه المراكز، فرقا ومختبرات - تحت وصاية الجامعات، وتطويقها بقوانين وإجراءات إدارية معقدة تؤدي إلى رفضها أو تجميدها أو إرباكها.
في وضع لا زال خطاب الإصلاح مثقلا باليأس، وعدم الثقة من جميع الشركاء الاجتماعيين: التلاميذ وأولياؤهم، وأساتذة كل الأسلاك التعليمية المدرسية والجامعية، والوزارة الوصية، والمجتمع المدني، وعلماء الاجتماع والمفكرون، وبصفتنا مكونين داخل المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين نجتهد من أجل دعم اللغة العربيةـ بما يلي:
× أن يقتنع الأساتذة المتدربين بقيمة اللغة العربية، وعراقتها الحضارية، وإرثها الفكري الراقي.
×أن يكونوا محبين لها، ومعتزين بها، ومؤمنين بدورهم التربوي والتعليمي في هذا التخصص، وليس مجرد موظفين في وزارة التربية الوطنية.
× عقد شعبة اللغة العربية ندوات فكرية، وأياما دراسية لمتابعة قضايا لغتهم في المحيط المدرسي، والمغربي، والعربي، والعالمي، والتفكير في السبل القويمة لصونها وتأهيلها للتثاقف المتوازن.
× استعمال اللغة العربية الفصيحة في إنجاز مجزوءات التأهيل داخل المركز، وفي الوضعيات المهنية داخل المؤسسات التعليمية.
× صرامة تقويم الأداء اللغوي للأساتذة المتدربين حتى لا تتسرب أخطاؤهم لأعداد هائلة من التلاميذ طيلة أدائهم المهني، وذلك في غياب التكوين الذاتي والتكوين المستمر الذي يفترض برمجته بين حين وآخر لأساتذة اللغة العربية بالمسالك التعليمية الثلاثة.
 × تكوينهم لتوظيف طرق نشيطة في تدريس مكونات اللغة العربية بهدف تحبيبها للتلاميذ مثل: مسرحة الدروس، خصوصا درس قواعد النحو والصرف.
× إرشادهم إلى توزيع التلاميذ في مجموعات لإنجاز بحوث باللغة العربية انطلاقا من نصوص القراءة، ومهارات الإنشاء والتعبير، وتقويمها بشكل دقيق، والعمل على دعم الإنجازات المتواضعة للارتقاء بها.
× إعدادهم للانخراط في فعاليات الحياة المدرسية التي تخص التلاميذ، وذلك بتنشيط  محترفات للقراءة والكتابة باللغة العربية قصد تدريب المتعلمين على إبداع كتابات قصصية، وشعرية، ومسرحية.
× توجيههم إلى استثمار إقبال التلاميذ على وسائل الإعلام والاتصال لإنجاز مشاريع مختلفة، باللغة العربية الفصيحة، تهيئهم لسوق الشغل مستقبلا، من قبيل: كتابة المقالة الصحفية، وصياغة خطابات إشهارية، وتنشيط برنامج إذاعي، أو نشرة تلفزيونية، أو ندوة صحفية، أو تسيير نقاش فكري إلخ... وأن تأخذ طابع المنافسة، ثم تتويج المشاريع المتميزة، معنويا وماديا، بحيث يكون معيار اللغة السليمة، والراقية ذا نسبة عالية في تقييم منتجات المشاركين.
سؤال الختام...
يمكن للغة العربية، إن تخلصت من تبعات التعريب المتعثر لمواد العلوم البحتة، الذي أطلق عليه المغاربة اسم "التخريب"، أن تظل قوية، وتستمر في ضمان رأسمالها الفكري والرمزي، ولو في حدود تدريسها كلغة لتَعَلُّم الآداب والعلوم الإنسانية فقط، وتحافظ على دورها الإشعاعي بين غيرها من اللغات التي تملأ المشهد اللغوي عبر العالم إن تم تعزيزها بالوسائل الديداكتيكية الجديدة داخل مدرسة عمومية ينبغي أن تتوفر على جميع البنيات التحتية، والشروط الموضوعية لإنجاز تعليم راقي، ومن لدن أطر ذات كفاءة وتقدير لهذه اللغة. لكن هل تضمن مشاريع الإصلاح المقبلة تنقية المنظومة التربوية من الحد الأدنى من عوامل الفشل الذي يؤثر سلبا، من قريب أو من بعيد، على الوضع الاعتباري للغة العربية؟

هوامش الدراسة
1.        www.h24 info.ma/Maroc-UNESCO-tire-la-sonnette..) (visité le : 08/02/2014 et le : 10/12/2014)
2.        دليل مرجعي في مجال حقوق الإنسان- المملكة المغربية- وزارة حقوق الإنسان- وزارة التربية الوطنية- مطبعة المعارف الجديدة- الرباط- دون تاريخ- ص ص 46- 53.
3.        المملكة المغربية- تقرير حول حركة التعليم في المغرب خلال الفترة مابين 1990-1991 و1991-1992- مطبعة المعارف الجديدة- الرباط- ،1994، ص 15.
4.        لجنة خبراء- تقرير الخمسينية- المغرب الممكن- إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك- دار النشر المغربية- الدار البيضاء- الطبعة الأولى- 2006، ص 3- 4.
5.        نفسه ص ص 107- 115.
6.        المكي المروني- الإصلاح التعليمي بالمغرب 1956-1994- منشورات جامعة محمد الخامس- كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط- سلسلة بحوث ودراسات- رقم 17- الطبعة الأولى 1996، ص 116
7.        د. محمد عابد الجابري- من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية والتربوية- دار النشر المغربية- الدار البيضاء- الطبعة الأولى: 1977، ص 3.
8.        محمد عابد الجابري- أضواء على مشكل التعليم بالمغرب - دار النشر المغربية- الطبعة الأولى: 1974-  ص77.
9.        Pierre Vermeren- École, élite et pouvoir au Maroc et en Tunisie au XX ͤ siècle- Alizés, Imprimerie Toumi Oujda- Salé- Février 2002, p, 268.
10.      منهاج اللغة العربية بالتعليم الثانوي- المملكة المغربية- وزارة التربية الوطنية- الكتابة العامة- الكتابة العامة- المديرية العامة للشؤون التربوية- قسم البرامج والمناهج والوسائل التعليمية- 1996- مطبعة المعارف الجديدة- الرباط، ص 7.
11.      منهاج اللغة العربية بالتعليم الثانوي- المملكة المغربية- وزارة التربية الوطنية- الكتابة العامة- مديرية التعليم الثانوي- قسم البرامج والمناهج والوسائل التعليمية- 1996- مطبعة المعارف الجديدة- الرباط، ص 7.
12.      التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة اللغة العربية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي- المملكة المغربية- وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي- مديرية المناهج- حسان- الرباط- نونبر 2007، ص 5.
13.      Pierre Vermeren- École, élite et pouvoir-  Ibid, p, 466.
14.      معجم بورديو- تأليف ستيفان شوفالييه وكريستيان شوفيري- ترجمة د. الزهرة إبراهيم- دار النايا ودار الجزائر- دمشق- سوريا- الطبعة الأولى: 2013، ص 163.
15.      د. مجمد عابد الجابري- من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية والتربوية- دار النشر المغربية- الدار البيضاء- الطبعة الأولى: 1977- ص 3.
16.      المكي المروني- الإصلاح التعليمي بالمغرب 1956-1994- مرجع مذكور، ص 209.
17.      الطيب الشكيلي- حماية اللغة- منشورات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب – إشراف د. عبد القادر الفاسي الفهري- جامعة محمد الخامس- السويسي- الرباط- يونيو 2004، ص 11.
18.      حمد الله اجبارة- الهدر المدرسي الأسباب والعلاج- مجلة علوم التربية- العدد 26- مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء- الطبعة الأولى: 2011، ص 110.
19.      المصطفى شباك- الحداثة والتربية- ترجمة: محمد أسليم- دار الثقافة للنشر والتوزيع- الدار البيضاء- الطبعة الأولى: 1999، ص 100.
20.      المملكة المغربية- اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين- الميثاق الوطني للتربية والتكوين- الرباط- يناير 2000، ص 51.
21.      رقية أغيغة- تدريس الأمازيغية بالمدرسة المغربية بين توجهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وسبل التفعيل داخل الأقسام الدراسية- مجلة عالم التربية- مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء- الطبعة الثانية، العدد 14- 2004،  ص 268.
22.      عبد السلام الشدادي- من أجل بلورة سياسة ناجعة في ميدان اللغة- ترجمة: حمادي الصفي- مقدمات- المجلة المغاربية للكِتاب- عدد 17- صيف 1999- مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء- ص 8.
23.      محمد عابد الجابري- أضواء على مشكل التعليم في المغرب- مرجع سابق، ص 146.
24.      عبد القادر الفاسي الفهري- حماية اللغة- منشورات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب- مرجع مذكور- ص 15.
25.      مصطفى محسن- مدرسة المستقبل، رهان الإصلاح التربوي في عالم متغير- سلسلة شرفات- عدد 26- منشورات الزمن- الطبعة الأولى: 2009- ص 34.
26.      Hassane BENAMARA - Dictionnaire Amazighe – Français, Parler de Figuig et ses régions – Publication : Institut Royal de la Culture Amazighe- Imprimerie El Maârif Al Jadida- Rabat- 1ère édition 2013.
27.      محمد الحلوي- معجم الفصحى في العامية المغربية- شركة النشر والتوزيع- الدار البيضاء- الطبعة الأولى: 1988، ص ص 8- 9.
تصنيف محمد شفيق- سلسلة معاجم أكاديمية المملكة المغربية- الجزء الأول- مطبعة الفن التاسع- الدار البيضاء- الطبعة الأولى: 1993- ص21-22.
28.      عبد السلام الشدادي- من أجل بلورة سياسة ناجعة في ميدان اللغة- مرجع مذكور- ص 8.
29.      مقدمة ابن خلدون- اعتناء ودراسة أحمد الزعبي- شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع- بيروت- لبنان- طبعة 2001، ص 415.
30.      معجم بورديو- - تأليف ستيفان شوفالييه وكريستيان شوفيري- ترجمة د. الزهرة إبراهيم- مرجع مذكور- ص 166.
31.      محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي- 5 اللغة- إعداد وترجمة نصوص مختارة- سلسلة دفاتر فلسفية- دار توبقال للنشر- الدار البيضاء- الطبعة الثانية: 1998، ص 94- 95.
32.      Ali Boulahcen- Sociologie de l’éducation- Les systèmes éducatifs en France et au Maroc- Étude comparative- Éditions AFRIQUE ORIENT- Casablanca- 2002, P, 56.
33.      ذ. مصطفى محسن- المسألة اللغوية وإشكالية التنمية والحداثة- مجلة عالم التربية- عدد 14- مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء- الطبعة الثانية: 2004، ص 253.
34.      سليمان القرشي- دور التربية والتعليم في إصلاح اللغة العربية وحمايتها- حماية اللغة منشورات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب- ص97.
35.      عبد القادر الفاسي الفهري- حماية اللغة- مرجع مذكور، ص 15.
36.      عدة تأهيل الأساتذة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين- المملكة المغربية- وزارة التربية الوطنية- الوحدة المركزية لتكوين الأطر- مدينة العرفان- الرباط- يوليو 2012، ص 16.



تعليقات