هكذا وجدت بغداد (6)

بقلم : محمد المي

توزع يومي بين ثلاث محطات :

رحلة في دجلة الخير

دجلة هو النهر الذي يخترق شمال العراق والفرات نهرها الثاني الذي يسقي  جنوبها حتى أن الحكام الجدد الذين دخلوا العراق على ظهور الدبابات الأمريكية  عندما أرادوا تغيير علم صدام حسين وضعوا نجمة وهلالا  بين خطين ازرقين يذكر بعلم الكيان الصهيوني . فعدلوا عن فعلتهم تلك وتركوا علم صدام المكتوب بالخط الكوفي 

مما يذكر أن دجلة تقسم بغداد الى نصفين الكرخ العباسية نسبة إلى الدولة العباسية والرصافة العثمانية ومشكلة هذا النهر العظيم ان الأتراك أقاموا السدود حتى يحكموا مصير العراقيين فلئن قامت حروب اليوم من أجل النفط فإن الحروب القادمة ستكون حول الماء

وهذا مالم ينتبهإليه العرب بل تغافلوا عنه  .

إضافة إلى ذلك فإن اخواننا العراقيين لم يحسنوا استغلال ضفاف النهر حيث كان يمكن أن تقام المقاهي والمطاعم والمنتزهات...الخ غير أن الحروب والفتن التي عرفتها العراق شغلتهم عن هذا وغيره للأسف الشديد. 

اليوم يصطادون السمك النهري الكبير ويشوونه ويسمونه "السمك المسقوف " الذي تراه يباع في الشوارع معروضا في أحواض اصطناعية 

 وهناك عبارة تتجول بالذين يرغبون في نسمة هواء طرية.وهذا كل مايمكن استغلاله في واهب الحياة لبغداد العظيمة.

شارع المتنبي

يتفرع على شارع الرشيد وينتهي آخره إلى  تمثال المتنبي ليتلقفك دجلة وهذا الشارع ينشط بصفة خاصة يوم الجمعة وهو شارع مختص في بيع الكتب القديمة والنادرة ويأتيه الأدباء والشعراء خاصة لقراءة الشعر واليساريين من الساسة لتفريغ قلوبهم وتحليل أوضاعهم. 

يقع في بغداد القديمة التي انهارت جدرانها وتداعت مبانيها وبقيت كالدمن تذكر بالعهود الجميلة وتكتظ بالمزابل والاوساخ والأتربة والغبار وكأن النظافة ممنوعة علينا نحن العرب أو محرمة رغم أن الإسلام دعا إلى النظافة وجعلها شرط الدخول في الإسلام والصلاة والصيام والحج  ، ولكن للأسف أين تجد الإسلام تجد الأوساخ وتلك قضية أخرى كما يقول المرحوم منجي الشملي

كان يمكن أن يتحول شارع المتنبي إلى تحفة جميلة ولكن ... ؟ نحن لا نقدر على استنباط الأفكار. فقط خلقنا للاستهلاك ونكره الصيانة ونحب الوقوف على الأطلال والبكاء على الماضي.

ذكرني بسور الأزبكية في القاهرة التي زرتها سنة 2007 وانبهرت بتلك الحديقة وعندما رجعت إليها منذ سنتين تقريبا وجدتها إلى سوق تشبه القمامة حيث اختفت الكتب وعوضتها البضائع الصينية والبيض المسلوق وأصوات الباعة وهلمجرا من مظاهر التخلف المعروفة التي لا  تحتاج إلى الوصف . الشيء نفسه حدث لي في قائمة ( الجزائر  ) عندما زرت حمام المسخوطين. 

العتبة الكاظمية المقدسة

اليوم شعرت بحزن على إسلامي وشعرت بالغربة وانا بين المسلمين في مرقد الإمام الكاظم اسلام غير إسلامنا وعادات غير عاداتنا أناس يتدافعون ويتراصون للتمسح بسياج  فضي وبعضهم يقبل الأبواب المغلفة بالنحاس وبعض ثالث يقبل البلور وبعض رابع يصرخ في الناس ليصلوا على النبي وآخر يركع عند الخروج وآخر يجري ليلتقط حجرا يضع عليه جبينه ليسجد عليه وخامس يخترق صفوف المصلين كأنه يخترق سوقا للباعة. .حتى الصلاة لا يصلون كالسنة كأن نبيهم غير نبينا.

مرقد الإمام الكاظم يعج بآلالاف لكي لا أقول بعشرات الآلاف  من المصلين شيبا وشبابا وأطفالا فضلا عن الواقفين في الخارج.

خرجت مهتما حزينا مرددا بيني وبين نفسي واأسفاه عليك يا إسلامي لا ولن يكتب لنا التقدم ما دمنا على حال كهذه .

تمثال المتنبي

تعليقات