حول تقرير لجنة الحريات

تقرير العار للجنة الحريّات الفرديّة والمساواة الماسونية

بقلم :  الناصر التومي

طلع علينا زمن ما بعد الخراب العربي بآفات وعاهات مست كل شيء في حياتنا، غلاء المعيشة، ازدياد البطالة، الإرهاب، والتهريب، انقطاع في الكهرباء والماء، انعدام النظافة، إضراب الشعب عن العمل نكالة في الحكومة، بينما هو ينكل بنفسه، استئساد الإتحاد العام التونسي للشغل إلى حد الخراب  ليزيد الأمر تأزما بدعوى النضال من أجل الشغالين، تنطع العلمانيين و والتمسح بالغرب الماسوني لمحو هويتنا العربية الإسلامية، ولم نستطع أن نفض الأزمات الآنية، حتى طلعت علينا لجنة الحرية والكرامة تنبش في التاريخ  تخرج الأحقاد والضغائن من مكامنها، لتشعل فتيل الانتقام فتزيد الوضع تأزما، وفي الأخير لجنة الحقوق والحريات لتصفع المجتمع الإسلامي بأفكار وقوانين الماسونية الصهيونية في حرية المعتقد والجسد وتريد أن تفرضها علينا، بينما شرعنا يدينها وقد وضع فيها الحدود لتبلغ حد الرجم والجلد والقتل.

الجميع يعلم أن لكل مجال اختصاصه، وبما أن مبادئنا إسلامية بحتة فإذا نظرنا في مجال يمس العقيدة فلا بد أن نستنجد بأهل الاختصاص ممن اكتسبوا علم العقيدة التي لا بد أن نتقيد بها ولا نخرج عنها وخاصة إذا توفرت النصوص الصريحة التي لا مجال للاجتهاد فيها، و حسب علمي بعد انقراض جيل علماء جامع الزيتونة، ما بقي إلا المتخرجين من جامعة الزيتونة والذين لن يطوحوا بنا بعيدا عن صرح عقيدتنا وسيحاولون المحافظة عليها من أعدائها العلمانيين إفرازات الماسونية الصهيونية.

  تكونت لجنة الحقوق والحريات  لتنصف المواطن من تكبيلات العقيدة، وحدودها، وتمنحه الحرية التامة في المعتقد، والجسد من زنا ولواط وسحاق  يتصرف فيه كما يشاء فلا يتهيب من الويل والثبور للعقاب الإلهي، ولا حتى من القوانين الوضعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تردع بعوضة، إضافة إلى المساواة بين الذكر والأنثى في الإرث، بينما ديننا قد فصل في هذه المسائل بنصوص صريحة لا مجال للتأويل فيها، ولما تفحصنا أسماء اللجنة واختصاصاتهم علمنا أن الأمر وضع في غير أهله، وأن هناك توصية باستبعاد أهل الذكر في هذا المجال حتى لا يعرقلوا قرارات هذه اللجنة.
أعضاء اللجنة: بشرى بالحاج حميدة: رئيسة.الأعضاء : عبد المجيد الشرفي ـ سليم اللغماني ـ درة بوشوشةـ  مالك غزواني ـ  إقبال الغربي ـ كريم بوزويتة ـ صلاح الدين الجورشي ـ سلوى الحمروني .

و توقفنا على حقيقة مذهلة فلا أحد منهم له اختصاص في الشريعة الإسلامية، بل أغلبهم حقوقيون يؤمنون بالحرية المطلقة تلك الذي جعل الدين لها حدودا لا يتعداها المسلم وإلا عدّ عاصيا مذنبا، ونحن لن نتطرق إلى هؤلاء الحقوقيين الذين لا يحق لهم أصلا البت في هذا الأمر، بل إلى فردين منهم اشتغلا على الدراسات الإسلامية من منظور إما ماسوني أو يساري عقلاني.
ولعل البعض يرى أن الدكتور عبد المجيد الشرفي رئيس بيت الحكمة حاليا، والأستاذ صلاح الدين الجورشي قد يمثلان الجانب الأصولي، والحقيقة أن العديد لا يفرقون بين من تربّى على الشريعة الإسلامية التي خلفها لنا الرسول الأكرم في القرآن والسنة، والتي خلاصتها قال الله قال الرسول، فهم سلف الأمة تصديق الخبر وتنفيذ الأمر، وبين من يريد أن يطوعها للمفهوم الغربي الاستشراقي، الذي دأب منذ مئات السنين عل التشكيك والطعن في ديننا، وقد فرّخوا من أبناء جلدتنا رهطا من تلبست بهم هذه الأفكار سواء من خلال ما تعلموه لدى جامعات الغربية، أو ما أفرزوه  إثر عودتهم من سموم فكرية في جامعاتنا، فانتشرت الفيروسات الماسونية في المتخرجين في كل الشعب العلمية، يكفي أن يتخرج  القاضي والمحامي وهو لا يعرف سورة الإخلاص من بين السور، ولا يحفظها أما باقي الشعب فحدث ولا حرج وهذا ليس خطؤهم بل خطأ برمجمة تعليمية منحرفة من بداية الاستقلال القصد منها تغييب الشعب التونسي عن عقيدته.

ولا يسعنا إلا نقول في الدكتور عبد المجيد الشرفي ما قاله فيه أستاذه محمد الطالبي ، فقد اتهمه في كتابه ـ ليطمئن قلبي ـ بالتجني على العقيدة الإسلامية وعلى الوحي وسيرة الرسول، وشكك في صدق إيمانه ونزاهته، فهو قدم تحريفا لآية الصيام، بادعائه أن الصيام ليس فرضا وإنما هو الخيار بين الفدية والصيام، واتهمه بولاءات مشبوهة إلى جهات صليبية واستعمارية أوروبية مسيحية وأمريكية وبصفة خاصة الرئيس الأمريكي بوش الابن، وخاصة بعد قيامه بمحاضرة بأمريكا إثر حادثة 11 سبتمبر 2011. واتهمه بالانسلاخ من الإسلام.
أما صلاح الدين الجورشي الذي ظهر قبل أكثر من ثلاثين سنة مع الاتجاه الإسلامي النهضة حاليا، أحد أجنحة الإخوان المسلمين السبعين( العدد يعني الكثرة لا الحصر)، وإثر رمي أغلب قيادات الاتجاه في السجون، نأى بنفسه عن ذلك المصير وجلس على الربوة وركب صهوة الإسلام التقدمي، وكأن الإسلام يدعو إلى التخلف، وقد حكم العالم طيلة ألف سنة بنهضته وما تأخرنا إلا بعد أن تركنا ديننا وليس العكس. عقود عديدة وأنا أشاهد صلاح الدين الجورشي في القنوات التلفزية و أسمعه في الإذاعات وأقرأ له، أتحدى من يخرج بخلاصة لفكره، فلا تكاد تقف منه على موقف يشفي الغليل، فلا تفهم معنى لما يقصد، يطنب في الكلام ويحاور ويناور بلغة رجراجة تؤدي إلى عديد المقاصد، يعطيك من طرف اللسان حلاوة ... ويروغ منك كما يروغ الثعلب، وكأنه يتهرب من أن  يمسك عليه أحد موقفا لا يعجبه وخاصة من قبل الإسلاميين أو السلفيين، وعدّ من  اليسار الإسلامي ممن يغلبون العقل على النقل ( قرآن وسنة) ـ، ولا بأس بأن نورد نبذة من دراسة نشرها الدكتور  صبري محمد خليل على النت يشرح فيها فكر الإسلاميين اليساريين:

ـ الإسلاميون التقدميون في تونس، هو تيار إسلامي عقلاني الاتجاه، اشتغل في أوساط الجماعة الإسلامية في تونس منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي في المساجد والجامعات والمعاهد التربوية، وعندما قرر راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو  تحويل الجماعة الإسلامية إلى حركة الاتجاه الإسلامي في بداية الثمانينيات، عارض الإسلاميون التقدميون وعلى رأسهم احميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي وزياد كريشان، وأصروا على الاستمرار في خطهم الإسلامي ضمن رؤيتهم الثقافية والفكرية والعقلانية، وكان هذا التيار يحمل في بدايته على ما يسمى بأقطاب السلفية القدامى والمعاصرين، واعتمد على مقولة اليسار الإسلامي، وكان هذا التيار يركز على العقل أكثر من تركيزه على النص، وحمل الإسلاميون التقدميون على عاتقهم فكرة تجديد الإسلام، وطرح كل الأشواب التي علقت به الفقهية والعقائدية والأصولية وغيرها، وذهبت هذه الجماعة إلى حد القول بجواز تعطيل الثوابت عندما تكون هناك ضرورة إلى ذلك.

   أي أن هذه الجماعة لا تعترف بأن الدين الإسلامي مكتمل، وقد قال الله في قرآنه ـ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ( المائدة)ـ  وسيبقى ديننا قرآنا وسنة يتحديان الزمان وعباقرته من الإنس والجن إلى يوم الدين، ولن يكون في حاجة إلى تجديده بأي حال من الأحوال وإلا عد منقوصا وحاشاه أن يكون كذلك وهو منزل من الله الذي يعرف ما ينفعنا ويضرنا خيرا من أنفسنا.

ونحن نستغرب من صوت النهضة التي أطلقت على نفسها وصيّة على الدين الإسلامي في بلادنا، فصمتها على هذا التقرير العار غريب، وأقول لقد حفرت النهضة لنفسها قبرها، ستتهاوى عروشها فيه شيئا فشيئا، إضافة لمخالفتها للسنة في اعتناقها لمذهب الخوارج في أحقية الخروج على الحكام رغم وجود أكثر من مائة حديث في تحريمه، وذلك هديا بتعاليم حسن البنا بوجوب استحواذ الإخوان المسلمين على الحكم في كل بلد بكل الوسائل المتاحة حتى بخراب البلدان.
 
وفكرة هذه اللجنة وتقريرها  مستمدة من تعاليم الماسونية، وهي منظمة عالمية تاريخية بدأت يهودية ثم تحررت من الأديان كلها واختارت لها فكرا متوحشا يجعل منها حاكمة للعالم من وراء حجاب، تتحكم في الحكومات، والمال والإعلام، ديدنها القضاء على الأخلاق، والولاء للحكام، فتسقط أي منها لو تمرد عليها.

وفي تعريف على النت: أن الماسونية تعادي الأديان جميعا، وتسعى لتفكيك الروابط الدينية، وتشجع على التفلت من كل الشرائع والنظم والقوانين، وقد أوجدها حكماء صهيون لتحقيق أغراض التلمود وبروتوكولاتهم وطابعها التلون والتخفي وراء الشعارات البراقة، ومن والاهم أو انتسب إليهم من المسلمين فهو ضال مضل أو منحرف أو كافر، حسب درجة ركونه إليهم.

وقد أصدرت لجنة الفتوى في الأزهر بيانا بشأن الماسونية والأندية التابعة لها مثل الليونز والروتاري جاء فيه: يحرم على المسلمين أن ينتسبوا لأندية هذا شأنها ووجب على المسلم ألا يكون إمّعة يسير وراء كل داع وناد، بل واجبه أن يمتثل لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: لا يكن أحدكم إمعة يقول: إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجنبوا إساءتهم.

سقطت مئات وآلاف الشخصيات العربي الإسلامية في شراك الماسونية، شخصيات عرفت بالعلم أشهرهم  جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدة مفتي مصر والأمير عبد القادر في الجزائر ومن تونس الحبيب بورقيبة رغم وضعه حدا لأنشطة الماسونية  ببلادنا في عهده عندما تعارضت تحركاتها وسياسته في الحكم.

  استفحل نشاط الماسونية ببلادنا بعد أن ضمنت توفر النخبة المثقفة ببلادنا من أداروا ظهر المجن لديننا الإسلامي، وحان الوقت للظهور على العلن بوضع قرآننا وسنتنا في الرفوف لا نفتحها إلا ربما تبركا، وأن نلتزم بفكرها الخبيث في الإنسلاخ من الدين ومن الأخلاق، والمبادئ السامية وتعويضها بشعارات براقة كالحقوق والعدالة التي لا تزيد المجتمعات إلا تناحرا، والبلدان إلا تفتتا، وهذا ما ترمي إليه الماسونية أن تصبح هذه  الدول بيادق تستطيع أن تتحكم في مفاصلها كيفما تشاء، بالانحلال أو بالفقر، أو بالانقلابات.

وما لجنة الحقوق والحريات إلا ثمرة ونتيجة لما حصل ببلادنا منذ الاستقلال، هجر القرآن، التشكيك في السنة الصحيحة المطهرة، ثم الانقضاض على الأنفس الهشة الفارغة الإمّعة لتملأ بدين الماسونية الجديد وهو اللادين.
هذ ا التقرير هو صفعة جديدة  لهويتنا العربية الإسلامية، الغاية منه تذويبنا في شعاب الماسونية، وإن لم نتصدّ لهذا الفعل الضلالي فسنتيه في زحام الجهالة.

تعليقات