سنوات صحبة الأستاذ (10)

بقلم : محمد المي

علمته علاقاته وأسفاره وسعة اطلاعه ما لا تقدر جامعات الدنيا أن تعلمه لطلابها.  يحدثك عن الاختلافات الدقيقة بين المغاربة والمشارقة وبين العرب والغرب وبين المسلمين والمسيحيين واليهود ، وكل فئة يعلم عنها الشئ الكثير ولا يخلط بين الذاتي والموضوعي وكل ذلك غير متاح للكثير من الناس. ..وربما هذا سبب من شدته مع نفسه ومع الآخرين.

أشهد اني ماتعلمت منه ال القليل وما تطبعت إلا ببعض طبائعه وربما يرجع ذلك إلى فارق السن هو من مواليد 1924 وانا من مواليد 1971 اي الفارق بيننا حوالي نصف قرن (47عاما) فضلا عن فارق التجربة والتكوين.  ولكن من الصعب أن نجد نسخة تماثل الاستاذ فهو نسيج وحده وهو من معادن رجال لا يجود الدهر إلا ببعض منهم بعد سنوات طويلة ، هو من جيل مخصوص ، جيل ذاق الحرمان والمهانة وعرف الاستعمار وقلة ذات اليد وعانى الاحتياج والفقر وتربى في ظروف صعبة غير الظروف التي تربى فيها جيلي لذلك من الصعب أن يستنسخ ذلك الجيل . إنه جيل الرجال الأحرار والمناضلين بكل ماتعنيه كلمة النضال .

افهم حدة طبع الاستاذ كرو وأفهم معاني غضبه من تصرفات الناس ولكن من الصعب أن يفهم هو لأنه من طينة خاصة ومن معدن خاص. لكل هذا قلت في بداية كلامي لا أعلم هل احدد سنوات صحبتي للأستاذ كرو بالسنوات التي تقيس عمر البشر ام احددها بحجم الفوائد والمكتسبات التي حصلتها طيلة اقترابي منه .

هذه الشهادة كتبتها في حياته واطلع عليها وكانت بمناسبة انتهاء مهامه من مسؤولية إدارة مكتب تونس والمغرب العربي لمؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري حيث خلفته في المنصب ودامت إدارتي للمكتب المذكور من 2007 إلى نهاية 2010 رايت فيها العجائب والغرائب وكنت شاهدا على انخذالات " المثقفين " أمام الدولار الخليجي وتهافتهم على السفر والاوهام التي لا تختلف عن أوهام العامة حيث يعتقدون أنهم فور الوصول إلى الخليج سيحصلون على المكافآت المالية وآلاف الدولارات وحدث ولا حرج عن تهاويهم أمام الولائم وكأنهم جاؤوا من بلاد الجوع .

سأتحدث عن بعضهم - طبعا - للذاكرة والتاريخ ولكي لا ننسى
ليس في فمي ماء

تعليقات