سنوات صحبة الأستاذ (14)

بقلم : محمد المي

لقد لاقى الكتاب الشهري المتسلسل إقبالا كبيرا من طرف القراء بل إن بعض حلقاته نفد من الأسواق بعد اسبوعين من الصدور مما اضطر الاستاذ إلى إعادة طبعة ثانية ككتابه عن الطاهر الحداد .

لقد عمل زين العابدين السنوسي على احداث سلسلة من الكتب فشلت بعد صدور الحلقة الرابعة وبذلك تعتبر سلسلة كتاب البعث اول سلسلة كتب تونسية تنجح في الصمود والتواصل.

وهناك كتابان حامت حولهما شبهات وهما كتاب :الديمقراطيةلمحمد مزالي وكتاب ومن الضحايا لمحمد العروسي المطوي حيث اتهما بالسرقة الأدبية ولا يسمح المجال بالخوض في تفاصيل الحكاية فقط أردت التعريج على المسألة.

ورغم الجهود التي كان الاستاذ يبذلها في هذا الاتجاه فإنه لم يلق التشجيع والمساندة لا المادية ولا الأدبية وأول معارضة كانت من طرف محمد مزالي نفسه الذي أراد لمجلته أن تنجح وتستمر ويفشل كرو في مشروعه ففي الوقت الذي كان الأستاذ يساهم بالكتابة في مجلة الفكر وقد كتب سلسلة من المقالات حول شاعرات عراقيات : عاتكة الخزرجي ونازك الملائكة ولميعة عباس عمارة. ...الخ وكان ينشر الإعلانات الإشهارية المجانية ليحث القراء على اقتناء مجلة الفكر فإن مزالي لم يبادله الكرم نفسه وحتى كتاب الديمقراطية المشار إليه فإن كرو هو من اعار مزالي المراجع وهذه الحكاية حدث بها الاستاذ كرو استاذ الفلسفة فتحي التريكي.

وبدأت الشبهات تروج حول الكتاب وهناك من قال ان حزب البعث العراقي يمول الكتاب وهذا محض افتراء وكذب والدليل على ذلك عدم استمرار الكتاب وتوقفه في الحلقة 31 فضلا عن كون الكتاب لم يروج للفكر السياسي ولا لأي ايديولوجيا حزبية بل كانت مواضيعه تونسية جزائرية تتصل بواقع القطرين حيث صدر كتاب عن جميلة بوحيرد وصدرت مجموعة شعرية عنوانها اوراس وثالث عن الثورة الجزائرية ورابع لأحمد رضا حوحو بعنوان : نماذج بشرية ...الخ فضلا عن كتب من المغرب الأقصى وأغلب عناوين السلسلة تونسية وليس بينها سوى كتاب عراقي واحد ألفته نزيهة الديلي وعنوانه " مشاكل المرأة العربية.

لقد صادف أن جاء إلى تونس الشاعر السوري الكبير سليمان العيسى وهو أحد مؤسسي حزب البعث،  أجريت معه حوارا بعد أن عرفته بنفسي واني من طرف الاستاذ كرو فقلت له لماذا استقلت من حزب البعث؟  اجابني - رحمه الله - قال : عندما اسسنا حزب البعث كنا شبابا يحلم بأن نحول العالم إلى جنة غير أن الحزب عندما خرج من طور الفكرة إلى الواقع تحول إلى سجون ومعتقلات ثم لماذا لا تسأل صاحبك  ( يقصد الاستاذ كرو ) لماذا هو نفسه استقال؟  نفس الذي دفعه إلى الاستقالة هو الذي دفعني.

فالاستاذ كرو لم يستفد من حزب البعث ولم يتعامل مع قادته الجدد بل لم يجتمع بصدام حسين ولا مرة واحدة في حياته ومع ذلك عامله رموز الدولة الحديثة الخارجة لتوها من الاستعمار على أساس أنه يروج للقومية العربية ولا ولاء له للبورقيبية مما يستوجب مقاومته.

تعليقات