سنوات صحبة الأستاذ (15)

بقلم : محمد المي

لقد عمل الاستاذ كرو رحمه الله بحكم إيمانه بالعروبة وضرورة التوحد بين العرب أن ينوع في حلقات سلسلة كتاب البعث فلا يتركه تونسيا صميما بل عربيا فشارك في حلقاته :

عبدالكريم بن ثابت (مغربي)
محمد الصباغ ( مغربي)
احمد رضا حوحو ( جزائري )
منير شماء  ( فلسطيني )
عبد المجيد بن جلون ( مغربي)
محمد مبارك الميلي ( جزائري )
احمد زكي ابو شادي ( مصري)
نزيهة الديلمي ( عراقية)
وبقية حلقات السلسلة لتونسيين هم : محمد الحليوي ومصطفى رجب ومحمد العروسي المطوي ومحمد المرزوقي ومحجوب بن ميلاد ومحمد مزالي والطاهر صفر ومصطفى سليمان زبيس وعثمان الكعاك وعبد المجيد المطوي والدكتور الطاهر الخميري فضلا عن الاستاذ نفسه .

لقد وجد محمدمزالي دعما ماليا لمجلة الفكر التي لم تدفع لأي كاتب من كتابها مليما واحدا في حين كان الأستاذ يسدد المستحقات المالية لجميع الكتاب تحت عنوان : حقوق التأليف نقدا وكتبا.

لقد استغل محمد مزالي المناصب السياسية التي تولاها للترويج لمجلته بل إن مطبعة وزارة الدفاع كانت تطبع المجلة واللجنة الثقافية القومية كانت توزعها وتقتني وزارة الثقافة من اعدادها وكذا وزارة الخارجية وتمنح الإشهار من الخطوط الجوية التونسية وغيرها إذ يكفي أن تلقي نظرة على الصفحات الأخيرة من مختلف أعداد الفكر حتى تدرك حجم الدعم المادي الذي كانت تتلقاه فضلا عن كون مقرها كان مجانا و أغلب موظفيها تمنحهم وزارة الثقافة رواتبهم الشهرية .

هذا الميز لأن مزالي يروج للبورقيبية ودستوري والأستاذ عروبي همه ثقافي وقد انجر عن ذلك فشل اول سلسلة كتب شهرية تونسية لو تواصلت لأحدثت ثورة ثقافية بأتم معنى الكلمة ولخلقت تقليد نشر الكتب لدى التونسيين.

نحن في تونس نعزف عن النشر عكس المشارقة فنرى في الإكثار استسهالا للكتابة ! وفي الوقت نفسه نعجب بتجارب طه حسين ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وعباس محمود العقاد ومحمد حسنين هيكل. ..وكل هؤلاء من المكثرين
وقد سئل نجيب محفوظ عن سبب اكثاره من النشر فقال : كنت احسب نفسي مقلا ذلك أن السنة تحتوي 365 يوما فلو اكتب صفحة واحدة كل يوم لظفرت بكتاب به 365 صفحة نهاية السنة وانا كتبي لا تتجاوز ال150 صفحة ؟

لقد قالها الشابي : أني يئست من المشاريع التونسية ..

انصرف الاستاذ عن مشروعه وانتهت تجربة الكتاب وخسرت تونس مكسبا عظيما . وقد لجأت إليه المؤسسات الوطنية فيما بعد لتستفيد من خبرته في مجالي  النشر والكتاب :
تولى إدارة الأداب من 1971 إلى 1974
مديرا عاما للدار العربية للكتاب من 1976 إلى 1977
مسؤولا في الشركة القومية للنشر والتوزيع من 1961 إلى 1963
وكذلك في الدار التونسية للنشر من 1974 إلى 1975
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية الرجل والإيمان بقدراته وعلاقاته غير أن التعامل معه كان بحذر شديد فلم يقع ترسيمه في اي عمل إلى وفاته بل كان متعاقدا بعقود ظرفية قابلة للفسخ في اي وقت كل هذا والدولة الفتية في حاجة إلى الإطارات وحاملي الشهائد العليا حيث نال من هو أقل منه علما ومعرفة المناصب العليا في الدولة وبقي هو مجرد موظف!

تعليقات