سنوات صحبة الأستاذ (16)

بقلم : محمد المي

علاقته بابن منظور مؤلف لسان العرب:

أول من رسخ في أذهان الناس أن ابن منظور مؤلف لسان العرب هو قفصي هو الاستاذ كرو رحمه الله وأول من سعى إلى تصحيح الخطأ هو الاستاذ نفسه حيث أسس سنة 1945 جمعية ثقافية في قفصة أطلق عليها اسم :

جمعية شباب ابن منظور القفصي سعى من خلال هذه الجمعية التي ترأسها إلى حدود سنة 1948 سنة هجرته إلى فلسطين - التي لم تتم - إلى بعث عدة
أنشطة ثقافية في قفصة من

ملتقيات وندوات فكرية
مسرحيات

تأسيس مكتبة تتاح للعموم تم نهب كتبها فيما بعد من طرف أبناء الجهة علما وأن الاستاذ بقي يزود تلك المكتبة حتى وهو في بغداد يرسل عبر البريد الكتب والمجلات فكان هناك من يؤثر بها نفسه ويزود بها مكتبته الخاصة بدل مكتبة الجمعية .

ظل الاستاذ يعتقد أن ابن منظور قفصي الى حدود سنة 1971 حيث أسس ملتقى ابن منظور الأفريقي لأنه بدأ يكتشف الخطأ الذي وقع فيه والمتسبب في الخطأ هو عثمان الكعاك الذي أورد في كتاب تونس الشهيدة هذا الزعم سنة 1920 وهو نفسه أخذه عن مراجع أخرى (ورغم أسبقية الكعاك فان جمعبة ابن منظور القفصي هي التي كانت سببا في ترسيخ  الفكرة لان كتاب تونس الشهيدة لم يعرف بكيفية واسعة الا بعد الاستقلال )الى أن كان الملتقى الثاني لابن منظور بقفصة سنة 1972 حيث اعلن رسميا في مداخلته أن ابن منظور مصري.
ورغم هذا التعديل فإن أهل قفصة يصرون إلى اليوم أن ابن منظور قفصي وتجد تمثالا له أمام دار الثقافة بالجهة بل إن دار الثقافة تحمل اسمه .
وإصرارا من الاستاذ على تصحيح الخطأ فقد قام سنة 2006 بكتابة مقدمة طبعة دار صادر لمعجم لسان العرب لابن منظور وذكر فيه النسب الكامل والصحيح لابن منظور معتمدا على مخطوطات ووثائق جمعها من مكتبات مختلفة .

الطريف في هذه الحكاية أن الرجل يقبل النقد الذاتي بل يعترف بخطئه أن أخطأ وهذا ماعرفته عنه طيلة صحبتي به .

أحيانا أتساءل كيف لهذا الرجل في مثل سنه ان يتراجع بسرعة ويعترف دون عقد بخطأ ارتكبه؟  وعديد المرات كنت اناقشه في مسائل إلى أن يوشك النقاش أن يحتد بيننا فإذا فهم اني على حق سرعان مايتراجع وأحيانا كان يفسر مواقفي بأنها ناتجة عن حماس الشباب فالاحظ اني اتكلم أو اشرح وهو يضحك ! سألته ذات مرة هل فيما اقول مايضحك؟  فقال إني لا أضحك عليك بل اضحك على نفسي لاني اتذكر اني كنت أحمل مواقفك عندما كنت في سنك !

في كتابه : "كلمات إلى الشباب " دعا إلى ضرورة تخلي من بلغ عمره السبعين عن جميع المسؤوليات وترك الفرصة للشباب ليحكم ويسير الدولة والإدارة وقال إنها فرصة الشيوخ لمراقبة الأبناء وهم يخظؤون وعلى الشيوخ أن يعملوا على ترشيد الأبناء ومساعدتهم .
ومما قاله في ذلك الكتاب الطلائعي : على الأبناء أن يكونوا أفضل من الآباء وان حدث العكس فياخيبة المسعى .

تعليقات