سنوات صحبة الأستاذ (2)

بقلم : محمد المي

لا أعلم هل أحدد سنوات صحبتي للأستاذ الكبير ( ابو القاسم محمد كرو ) بالسنوات التي تقيس عمر البشر أم أحددها بحجم الفوائد والمكتسبات التي حصلتها طيلة اقترابي منه ؟

تعرفت إلى الأستاذ الكبير ابو القاسم محمد كرو إثر نصيحة وجهها الي الصديق الدكتور محمد لطفي اليوسفي وتحديدا عندما اكتشفت مخطوطات لم تنشر للمصلح الاجتماعي الطاهر الحداد ( 1899- 1935).

لا أزال أذكر أن تلك المخطوطات كانت بالنسبة إلي بمثابة الطلاسم من حيث الشكل والمضمون ، خصوصا وأن سني لم يتجاوز ربع القرن ! ولا الدروس التي تلقيتها في المعاهد الثانوية أو على مقاعد كلية الآداب بمنوبة كانت كفيلة باعانتي على فك مغالق تلك الطلاسم . وكانت لي صلة مودة وصداقة بالدكتور محمد لطفي اليوسفي ، فهو استاذي في كلية الآداب بمنوبة وهو مثلي الأعلى وهو أفضل أساتذة كلية الآداب الذي كان يردد على مسامعنا - نحن الطلبة - " أن الأستاذ الحق هو الذي يبدأ في التفكير مع الطلبة وان الجامعة ليست مكانا لتلقي العلوم والمعارف بقدر ما هي فرصة لشحذ الشخصية وبناء العقل واكتشاف مغامرة الوجود"

عندما عرضت علية مخطوطات الحداد قال لي يومها : ليس أمامك سوى الشيخ أبو القاسم محمد كرو فهو الأقدر في تونس على مساعدتك " رن اسم ابو القاسم محمد كرو في أذني وكأني أسمع هذا الاسم لأول مرة في حياتي.  فقلت له بعفوية : هل هو تونسي؟ قهقه الاستاذ وقال : "هو قفصي ابن قفصي ولولاه لما عرفنا الشابي "

وان كان حظك جيدا فإنه سبعينك إعانة لا مثيل لها ولكني علمت مؤخرا بأنه أصيب بشلل نصفي وسأعوده مع زوجتي وسأحدثه عن أمرك وأمر مخطوطاتك فاسأل الله أن يكون بخير فقط "

تعليقات