سنوات صحبة الأستاذ (3)

بقلم : محمد المي

وبعد أيام اتصل بي الاستاذ اليوسفي وقال لي : " أن الشيخ - ودائما يحلو له أن ينعت الاستاذ كرو بالشيخ - قد اطلع على ما نشرت في جريدة الصحافة وله بعض ما يفيدك به في الموضوع ويبدو أنه قبل مساعدتك "

بعد ذلك علمت أن الأستاذ كرو بدأ يتعافى من مرضه ورجع إلى مجلسه الادبي الذي يعقده صبيحة يوم الأحد بمقهى نزل أفريقيا بتونس العاصمة فذهبت إليه دون موعد سابق معه وهناك وجدته رجلا بدينا ، أصلع الرأس إلا بعض الشيب المنساب على الأطراف،  تعلو محياه ابتسامة عريضة غطت تجاعيد الوجه الذي عركته سنوات الكفاح والنضال .

صافحته وقدمت له نفسي ...فرحب بي ترحيبا بالغا ودعا نادل المقهى ليعجل لي بشرب ما أشاء!  وانبرى يحدثني عن حبه للطاهر الحداد ويروي لي تفاصيل كنت اجهلها وعلق على أخطاء وقعت فيها عندما نشرت بعض مخطوطات الحداد في جريدة الصحافة .

لم أكن اصغي بعناية إلى ماكان يقول بقدر ما كنت منبهرا بطريقته في الحديث وتركيزه على التفاصيل وقدرته على المرور من موضوع إلى موضوع آخر! 

يومها كان معنا الصديق سمير بن علي الذي كان يشتغل سكرتيرا للأستاذ كرو وكانت معه سيارته الخاصة فطلب من الاستاذ أن يوصله إلى منزله الكائن بباب سعدون بالعاصمة تونس . فوافق الاستاذ.

وعندما أوصلناه إلى منزله دعانا للدخول معه وكانت في استقبالنا زوجته السيدة الفاضلة مديحة مشرفية التي رحبت بنا وفور جلوسنا خيرتنا بين شرب القهوة أو الشاي أو العصير فاكتشفت انها ليست تونسية من لهجتها الغريبة وعرفت فيما بعد من سمير بن علي انها "لبنانية" .

في تلك الجلسة أهداني الاستاذ بعض كتبه وكان من بينها كتابه الصغير  الصادر في سلسلة كتاب البعث " الطاهر الحداد " كانت تلك الجلسة بداية العلاقة بيننا .

أصبحت بعدها دائم التردد على الاستاذ كرو وكنت في كل جلسة اظفر منه بكتاب أو قصاصة جريدة أو مجلة أو صورة تنير سبل بحثي وترشدني إلى مسائل كنت أجهل الناس بها ...!

تعليقات