الأعمال القصصية الكاملة لعزالدين المدني (3)

بقلم : محمد المي

لم ينه عزالدين المدني شهاداته العلمية حتى يتفرغ للكتابة ولم يجعل الكتابة وسيلة للارتقاء في السلم المهني بل كانت الكتابة ولا تزال لديه فعل وجود ومغامرة حياة  ، راهن عليها رهان المقامر غير مكترث من ويلاتها فقد كان أيمة الجمعة يدعون عليه في خطب الجمعة ومنع من الكتابة وأهدر دمه عندما بدأ في نشر الإنسان الصفر .
اليوم نجد البعض يسعى سعيا لاستفزاز الظلاميين والمشايخ عسى يقع تكفيرهم حتى ترتفع اسهمهم وهذا الرهط منهم كثير ممن جاءتهم الكتابة على كبر والثورية على كبر والامضاء على العرائض على كبر ...وها اننا نتفرج على خلق الله .
يحتوي المجلد الثاني من الأعمال القصصية الكاملة لعزالدين المدني على :

من حكايات هذا الزمان
الجمال والبنات

وفي الكتاب الثاني اعتنى الكاتب الكبير عز الدين المدني بتضمين رسوم ولوحات تونسية وعالمية وهذا ما دأب عليه منذ بداياته في الكتابة إذ لا تفهم كتابات المدني إلا لمن يمتلك خلفية فلسفية وثقافة في الفن التشكيلي فالرجل لا يكتفي بالنهل من التراث بل ينطلق منه لتفكيكه وإعادة تركيبه بذائقة جديدة ولغة معاصرة وجعل حكاياته تشاكل الواقع وتوهم بالانغراس فيه .

الكتابة عند المدني سعي إلى تثبيت بدائل ومحو ثوابت ومن هنا تتأتى قدرتها على ملامسة الكتابات الإنسانية الكبرى التي رسخت رغم مرور الزمن .
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإن أحد اصحابي ممن يتابع ما أكتب استغرب كيف يكتب المدني أربعة مجلدات في القصة القصيرة وصادف أن جمعني به لقاء وكان بين يدي هذا المجلد الثاني فقال لي بعد أن تصفح بداياته ضاحكا : الان فهمت لماذا كتب المدني أربعة مجلدات في القصة مشيرا إلى اقصوصة حكاية الباب  قال : لقد كررها ثلاثا وبهذا يستطيع أن يكتب عشرة مجلدات ؟
لم يفهم صاحبي وهو القصاص والناشر وأستاذ الأدب العربي ...الخ أن المدني رائد الكتابة التجريبية في الوطن العربي يعطي درسا في كيفية الكتابة ومفهومها وان تلك الإعادة لذوي الألباب لعلهم يفقهون.

إنه حجاب المعاصرة ولا نبي في قومه وهذا سلوك تونسي فنحن لا نعرف كيف نحتفي بكتابنا ولا نعرف كيف نصنع نجومنا ولا نعرف كيف نحب بعضنا البعض ولا يجد الكاتب حظوة في حياته بل ترتفع اسهمه إثر وفاته .

لنا عودة

تعليقات