سنوات صحبة الأستاذ (4)

بقلم : محمد المي

مرت أشهر قليلة على علاقتي بالأستاذ وبدأ يقربني منه ثم عرض علي مساعدته  لإخراج كتابه الضخم ذي المجلدات الستة " حصاد العمر " حيث كان يسرع في إخراجه ويريده أن يرى النور في أقل ما يمكن من الأشهر لسببين أساسيين :

الأول  : هو الشلل الجزئي الذي ابتلي به فخاف أن يموت ويبقى الكثير مما كتب مبعثرا في الجرائد والمجلات واشرطة الكاسيت. ..الخ

الثاني : أن رجل الأعمال الكويتي عبد العزيز سعود البابطين أعطاه منحة مالية تقدر ب20 الف دولار أمريكي لمساعدته على الطبع .
كان يسرع في الرقن والطبع والنشر الذي اختار له بيروت الرائدة في هذا المجال

عندما فهمت محتوى المجلدات الستة اعترضت على العنوان :  " حصاد العمر " لأن هذا الكتاب الموسوعة لن يضمن فيه الاستاذ كرو مؤلفاته بل سيكون موسوعة لمقالاته وأحاديثه الصحفية والإذاعية . إلا أنني استفدت من إعانة الاستاذ إعانة كبرى ، فقد تعرفت إلى مواضيع وأحداث مرت به ، وطالعت أثناء تبييض الأوراق القديمة أو تفريغ أشرطة التساجيل الإذاعية طرق ردوده وكيفية  تجاوزه المحن التي ابتلي بها في مراحل نضاله الثقافي ...فمرت أمامي المعركة التي اتهم فيها بالتمشرق وكرهه للثقافة التونسية ، ومرت أمامي معاركه ضد الجمود والتخلف وعرفت من خلال تلك المعارك البعض من آرائه ومن علاقاته ومدى حضوره العربي واشعاعه خارج الحدود ودفاعه عن العروبة والثقافة العربية ... فكان  " حصاد العمر " سجلا اجتمع لي فيه ما كان يصعب على من هو في مثل سني إدراكه بيسر.

مكتبته في كلية الآداب

في السنة نفسها التي صدر فيها حصاد العمر  (1998) قرر الاستاذ اهداء مكتبته إلى كلية الآداب بمنوبة ورغم اني كنت أحد طلبة تلك الكلية إلا أنني اعترضت -ولا أزال معترضا - اعتراضا شديدا على إهدائه مكتبته إليها.

وسبب اعتراضي هو تقديري الشخصي للعقد النفسية منها أساتذة الجامعة التونسية فهم مقلون في النشر ونتيجة قلة إنتاجهم يكرهون أمثال الاستاذ كرو وهو صاحب الكتب التي يفوق عددها الثمانين،  وهم يكرهون شهائد المشرق العربي ولا يعترفون بها وهو صاحب الشهائد المشرقية وهذا سبب أخر وهم يكرهون خريجي الجامعة الزيتونية وهو صاحب التكوين الزيتوني وهذا سبب ثالث وأسباب رابعة وخامسة .الخ
ومكتبته تفيض بالمؤلفات النادرة والنفيسة وبكتب جمعها من مختلف البلاد العربية ففيها ما لا يتوافر حتى في دار الكتب الوطنية فضلا عن المكتبات الخاصة ، وكنت على يقين أنها ستكون عرضة للنهب والسرقة وفعلا حدث ماخفت من وقوعه

تعليقات