الأعمال القصصية الكاملة لعزالدين المدني (4)

بقلم : محمد المي

مازلنا بصدد تقديم الأعمال القصصية الكاملة لعزالدين واليوم سنتوقف عند الجزء الثالث الذي يمتد على 447 صفحة فيها 29 قصة تختلف طولا لعل أطولها صاحب العكاز والخطوة من الصفحة 251 إلى الصفحة 342 اي ان صاحبنا لا يخضع في الكتابة إلى مواصفات معلومة بل يخضع الكتابة إلى تصوراته ومقتضيات تحدد معنى القصة التي وان امتدت على قرابة المائة صفحة فإنها لا تخرج في تقديره على مواصفات القصة ربما يصبح اسمها قصة طويلة عوضا عن قصيرة .

هذه التصنيفات لا يكترث بها المبدع فهو ينشغل عنها بما هو بصدده اي لا يكترث بالجمهور ولا بأفق انتظار المتلقي ولا بالخانات الجاهزة وربما هذا ماجعله يتمرد على اللغة غير مكترث بجمودها فيستعمل العبارة العامية المتداولة الاقرب إلى الاستعمال المحلي ولا يجهد نفسه في البحث عن مقابل لها في العربية وكأن الحالة التي تنتاب الكاتب وهو بصدد الكتابة لا تسمح له بالتوقف والبحث في القواميس عن المصطلحات والمفردات اي ان المدني لا ينتمي إلى مدرسة المسعدي الصفوية والذي قال إنه ما وضع عبارة إلى واحتاج إلى الرجوع إلى المعاجم والقواميس .

عز الدين المدني لا يكتب بلغة القاموس بل يكتب قاموسا للغة مبتكرا فيجعل للقصة لغتها ومناخاتها التي تميزها فيبتني عوالم للكتابة تجعل عالمه مختلفا مخالفا للسائد وبذلك يكون هو رأس مدرسة لا تابعا لمدرسة.

هذا مما يميز عزالدين المدني ويجعل من لغة المدني في القص جديرة بدراسة حتى نفهم طرائق استعمالها وتوظيفها.

لقد أهدى الكاتب الكبير عز الدين قصتين واحدة إلى نجيب بلخوجة وأخرى إلى نجا المهداوي وهما من جماعة " الستة " اي تلك الجماعة التي خرجت عن جماعة مدرسة تونس في الرسم وتعمدت المخالفة والخروج عن النسق حيث ابتكرت جماعة  "الستة " ( نجيب بلخوجة ونجا المهداوي ولطفي الارناؤوط والناصر بن الشيخ والصادق قمش وفابيو رودجليانو ) أسلوبا جديدا في الفن التشكيلي.  كان ذلك في نهاية الستينات الفترة التي تذكر بظهور حركة الطليعة الأدبية  (1968 _ 1972 ).

كل هذه الاعتبارات لا بد من أخذها بعين الاعتبار وانت تقرأ كاتبا وجد في ظرف سياسي خارق  ( ماي 1968 ) وفترة التعاضد والمد الاشتراكي ليكتب المدني بصيغة مختلفة تختزل كل هذه التحولات
لنا عودة

تعليقات