سنوات صحبة الأستاذ (5)

بقلم : محمد المي

وعد الاستاذ يوم أهدى مكتبته بأن تطبع الكلية فهرسا خاصا بها ولم يطبع ذلك الفهرس إلى يوم الناس هذا ؟

أقيمت له حفلة تكريمية يوم تسليم المكتبة حضرها وزير التعليم العالي الدالي الجازي وثلة من أساتذة الجامعة والادباء وعوض أن يتم منحه الدكتوراه الفخرية منحوه هدية بسيطة تمنح عادة للمتفوقين من الطلبة في نهاية السنة الجامعية بل أكثر من ذلك فقد كانت تلك الحفلة مطية اتخذها عميد الكلية محمد الهادي الطرابلسي ليطلب فيها بطريقة غير مباشرة من وزير التعليم العالي تنصيبه على رأس جامعة منوبة (انظر كلمة علي بالنصيب في كتاب ابو القاسم محمد كرو تكريمه بإهداء مكتبته ).

كنت شاهدا على ذلك الحفل المشؤوم كما كنت شاهدا على تسليم الكتب لاعوان مكتبة الكلية الذين كانوا يعاملون الكتب كما تعامل البضائع العادية فيلقون بالكتاب النفيس الذي اهترأت أوراقه أرضا دون شفقة أو احترام لمحتوى الكتاب أو سنه الذي يفوق المائة عام.

وكان الاستاذ يصرخ ويزمجر ويغضب ثم يعود إلى هدوئه مسلما أمره وأمر كتبه إلى عملة جهلة وموظفين همهم التقيد بالوقت الإداري لاغير.

وماهي إلا سنوات على إهدائه مكتبته إلى كلية الآداب بمنوبة حتى بدأت تظهر
سرقات أساتذة الجامعة في كتبهم دون الإشارة حتى في الهامش إلى أن تلك المراجع أخذت من مكتبته.

عطاؤه لم ينقطع

بعد تسليمه مكتبته إلى كلية الآداب بمنوبة قرر التخلي عن إدارة مكتب مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري غير أن المؤسسة تمسكت به فاشترط أن أكون سكرتير المكتب وسكرتيره الخاص وتتولى المؤسسة دفع راتبي الشهري وقد وافقوا بعد لأي وعناء وكان يقول لي : أني أعدك لتتولى مكاني فاغنم واستفد وتعلم فإن اطماعا كثيرة حولك واعينا تتربص بإدارة المكتب فإني أريدك أن تكون لي عونا عليهم .

سلم لي مفاتيح مكتبه الكائن مقره ب34 نهج شارل ديغول بالعاصمة تونس وهو المكتب الذي خرجت منه سلسلة كتاب البعث  (1955/1958) وبواكير

منشورات دار المغرب العربي وكان فيه بقايا من مكتبته ومن جرائد ومجلات قديمة وملفات لاعلام ومعالم تضم قصاصات وصورا وحكايات غريبة وعجيبة

تعليقات