الأعمال القصصية الكاملة لعزالدين (5)

بقلم : محمد المي

لا يمكن فهم المجلدات السابقة التي تحدثنا فيها عن قصص الكاتب الكبير عزالدين المدني إلا بالنظر في هذا المجلد الذي  جعله المؤلف بمثابة الإضاءة لفهم علاقته بالقصة وجهوده التي تناساها العديد .

نحن التوانسة ذاكرتنا قصيرة أو نكره الذاكرة إذ لو سألت العديد من المنتمين إلى الميدان الثقافي عن عزالدين المدني لفيل لك انه كاتب مسرحي والحال أن جهود الرجل في ميدان القصة لا ينكرها إلا جاهل أو جاحد .

عزالدين المدني هو الذي قدم سمير العيادي
وعز الدين المدني هو الذي قدم نافلة ذهب
وعز الدين المدني هو الذي قدم الطاهر قيقة

لا يكفي أن نتوقف عند هذا الحد بل علينا أن نضيف أن عزالدين المدني هو الذي  اكتشف :
الساحرة للصادق الرزقي
وفيدورة  لمحمد العربي الجلولي
وفظائع المقامرة لإبراهيم شعبان

وعزالدين المدني هو الذي جمع تراث الدوعاجي وهو الذي بفضله عرف الناس رائعة سهرت منه الليالي وهو الذي كتب تحت السور

كل هذا إضافة إلى دفاعه عن القصة وكتابها في تونس وجهوده مع محمد صالح الجابري ومحمد العروسي المطوي والطاهر قيقة ...الخ وهذا مهم لأن التأسيس احتاج الى كتاب مبدعين والى ناكرين لذواتهم ومسخرين لجهودهم لإعلاء صوت الثقافة التونسية لأنه عندما تصرف جهدك في التنقيب على آثار الآخرين وتعمل على إبراز ها وتكون غايتك إبراز المنسي والمغمور والمجهول. .لتعريف الأجيال بجهد الرجال وبدايات المغامرة فإن ذلك لا يتطلب جهدا فقط بل يتطلب نكرانا للذات.

هذا يعني جهد التأسيس وتركيز ثقافة تونسية لأن بناء الدولة الحديثة لم يتم بالجسور والطرقات والمباني فحسب بل  تم بتأصيل الهوية وإبراز التراث النير وتأسيس الملتقيات والنوادي وبعث حركية ثقافية تهدف إلى تحريك السواكن لأن الانخراط في الفعل الثقافي من الجهود التي تذكر فتخلد جهود أصحابها والا لماذا نثني على الجامعي توفيق بكار مثلا ؟ لأن هذا الجامعي انخرط في الفعل والعمل وقدم الكتاب وعرف بهم وكتب عنهم غير متهيب الصورة الصنمية للجامعي بقدر ما أراد تكريس صورة مختلفة تكذب مايروج حول الجامعي وعلاقة الجامعة بالساحة الثقافية .

بالنسبة إلى عزالدين المدني وهو ليس جامعيا لم يكتف بدور التأليف والكتابة والإبداع بل أخذ على عاتقه جهد البحث والتنقيب على التراث السردي وفي الوقت نفسه عرف بجيله من الكتاب ودافع عن مشروعهم الإبداعي وانخرط في صلب المؤسسة الثقافية تنشيطا وإدارة لغاية التأسيس والإسهام في الإعلاء من واقع البلاد.

لكل هذا نقدر جهود الرجل ولا نتوانى في إطلاق صفة الكاتب الكبير عليه ولا نجحد جهده الذي بذل بل نحقه قدره الذي يستحق ونضعه في المكانة التي يستوجب وضعه فيها لأنه من العاملين المحبين والكتاب الكبار الذين نرجو أن يستنير بهديهم الجيل الجديد من الكتاب.

تعليقات