سنوات صحبة الأستاذ (6)

بقلم : محمد المي

رغم قدم المكتب فإن سلطانه على النفس لكبير وحمله على من هو في مثل سني لثقيل ومسؤوليته لجسيمة  ! أدخل على دماغي فوضى وعلى نفسي ارتباكا وأحسست اني تحملت في سن مبكرة مسؤولية أكبر مني فأصبح اسمي لصيقا باسم الاستاذ كرو وهناك من صادقني من أصدقائه وهناك من عاداني من أعدائه فصرت وريثه غير الشرعي فأحاسب على مواقفه وأسأل عن أحواله وأبلغ ما لا يقدر أن يبلغه إليه الصديق والعدو في الوقت نفسه.

ورغم ذلك واصل الاستاذ الكتابة والتأليف فاصدر كتبا متعددة بعد " حصاد العمر" مثل " عبقرية الحداد " و " الشهيد الحبيب ثامر" و " البياتي " و " ابن منظور " و " نازلي فاضل " و "سليمان الحرائري " و " أبحاث ومقالات " و " أبعاد الأب جان فونتان " و " تراجم قصيرة " و " التيفاشي القفصي " و " شعراء قفصة "  وكل كتاب له ولي معه قصة وحكاية وماهي دوافع نشره والغاية منه لأن هذه الكتب جاءت نتيجة أحداث وفرضتها سياقات معينة فضلا عن عشرات المقالات التي كانت تصدر بانتظام في الملحق الثقافي لجريدة الحرية وفي صحف أخرى.

رغم تقدمه في السن وأمراض الشيخوخة فإن إصراره على تسجيل المواقف في مناسباتها لم يتوقف وكان إذا سئل عن كيفية تمكنه من كل ذلك يبتسم ويقول : انا المستطيع بغيري

جائزة المغرب العربي

عندما أصدر الاستاذ  كرو كتابه " طه حسين والمغرب العربي " الذي اعتبره كتاب العمر كتبت سلسلة من المقالات في الملحق الثقافي لجريدة الحرية.  كان بينها مقال عنوانه " البعد المغاربي في كتابات الاستاذ كرو " طالبت فيه بأن تمنحه وزارة الثقافة الجائزة المغاربية التي منحت لعبد الكريم غلاب ومحمد عابد الجابري وخليفة التليسي ومحمد بنيس ...الخ وكان وزير الثقافة أنذاك عبد الباقي الهرماسي على خلاف مع الاستاذ كرو وقد لعب مصطفى عطية دورا كبيرا في إقناعه نظرا لايمانه بعطاء كرو وقيمته واشعاعه فكانت الاستجابة للمقترح وجاءت الجائزة تتويجا لنضالات الرجل الذي خدم الثقافة المغاربية ولحقته من جراء تعصبه لها تهم شتى لاحقته طوال حياته المهنية والأدبية.

ورغم ذلك فإن ناشرا جاهلا ودعيا يريد في نهاية عمره أن يصبح كاتبا طالب في رسالة رسمية بأن تنزع الجائزة من الاستاذ كرو.

هذا الناشر الحاقد عبر لي في أكثر من مناسبة عما بدر منه تجاه الاستاذ وعن ندمه؟ 
وهكذا ظل الاستاذ يجابه العواصف ويحارب الجاحدين  وأصحاب النفوس الصغيرة حتى وصل به اليأس بسبب دسيسة من طرف منجي الشملي عن مقال نشره الاستاذ عن أحمد بكير الهلالي في الملحق الثقافي لجريدة الحرية في سلسلة " من رسائلهم " . فكتب الاستاذ " وداعا أيها القلم".

تعليقات