كتاب جديد للدكتور منجي الكعبي

اتفاقيات الاستقلال الداخلي لتونس
والمداولات البرلمانية الفرنسية بشأنها
في كتاب

أصدر أخيراً الدكتور المنجي الكعبي البرلماني السابق بمجلس الأمة في أواخر السبعينيات، كتاباً هاماً، بعنوان «الاتفاقيات بين تونس وفرنسا الممضاة بباريس في ٣ جوان ١٩٥٥ في ضوء المداولات البرلمانية بمجلسي النواب والشيوخ».
ويقع هذا الكتاب الضخم نسبياً في ٨٢٠ صفحة من القطع المتوسط. ويحتوي أساساً على نص الاتفاقيات التونسية الفرنسية، المعروفة احياناً باتفاقيات الاستقلال الداخلي أو الحكم الذاتي، باللغتين العربية والفرنسية، مرفقة بالمداولات البرلمانية التي تمت بشأنها في كل من الجمعية الوطنية (مجلس النواب) ومجلس الجمهورية (مجلس الشيوخ سابقاً) بفرنسا.
وقدم المؤلف لكتابه بمقدمتين إحداهما بالعربية وعنوانها «الاتفاقيات.. تبوح بأسرارها»، والثانية باللغة الفرنسية، دون أن يتقيد في واحدة بذكر ما في الأخرى أو تكون ترجمة لها، وأتبعه بفهارس للأعلام والأماكن والمواضيع والمفاهيم على اختلافها، الواردة في الاتفاقيات وفي المداخلات، كل على حدة؛ بحيث يوفر الكتاب للقارئ مهمة البحث عن كل ما تتعلق رغبته بالاطلاع عليه أو التحقق منه في قضية من القضايا أو شخصية من الشخصيات، أو غير ذلك من أغراض القراءة؛ كما ألحق بالاتفاقيات ثلاثة نصوص تُحيل اليها المقدمتان والمناقشات البرلمانية في الكتاب، وهي معاهدة باردو ١٨٨١ واتفاقية المرسى 1883 وبروتوكول الاستقلال 1956. وأعقب ذلك بوثيقة سرية تتمثل في برقية صادرة عن المفوضية الفرنسية بليبيا الى سلطات باريس تحيطها علماً ببيان للزعيم صالح بن يوسف يحدد فيه موقفه مما سماه بروتوكول إعلان الاستقلال، نقلاً عن جريدة طرابلس الغرب الصادرة في 22 مارس 1956.

ولم يخل الكتاب من مصورات للوثائق والصفحات الأولى للمصادر التي استقى منها المؤلف عمله.

وهو عمل لعمري تطلب مجهوداً كبيراً لوضع هذه الوثائق التي أصبحت نادرة بمتناول القارئ الحديث، لالتماس أقرب السبل لمعرفة حقائق الأمور وأسرار الخلاف البورقيبي اليوسفي بشأن هذه الاتفاقيات التي طبعت مرحلة من مراحل النضال السياسي الوطني من أجل تخليص البلاد من ربقة الاستعمار، وفتح الآفاق أمامها لاستعادة شخصيتها الدولية وهويتها العربية الاسلامية ودورها الحضاري عبر العصور.

وسيساهم هذا الكتاب في وضع حد للجدل الحاد الذي أثير في تونس بعد ثورة ١٧- ١٤ جانفي ٢٠١١، بمناسبة ستينية الاستقلال، حول حقيقة تلك الاتفاقيات وافتقادها من التداول أو التعتيم عليها في العهدين السابقين لأغراض سياسية.
وبنشر هذا الاتفاقيات سيكون الوضع أفضل، لأنها لم تعرض فقط مجردة، بل متبوعة بالمداولات التي تمت بشأنها واستمرت جلساتها طويلاً قبل التصديق عليها من البرلمان الفرنسي في غيبة من كل مؤسسات مماثلة لمناقشتها والتصويت عليها في تونس، ليكون الشعب وممثلوه الحقيقيون على بينة من أمرها، ولا يرتهن مصيره بتوقيع ملك تحت سلطة الاستعمار وهيئة مفاوضين مختارين من الطرف الأقوى في هذه الاتفاقيات، بلسان حال من اختارهم، كما تكشف عن ذلك هذه المداخلات من بين ما تكشف عنه من أمور.

وتجدر الإشارة الى أن هذا الكتاب كان موضوع تعطيل وعراقيل قبل أن يكتب له الظهور في طبعة محدودة على حساب المؤلف وفي ظروف أقل ما يقال عنها أنها كانت غير مشجعة، لولا واجب التضحية لمغالبة النسيان والنكران لمن قدموا أرواحهم من أجل أن تحيا الأوطان في عزة الأحرار وفي غير ذلة الاستعمار.

تعليقات