أولاد أحمد حي لا يموت

أولاد أحمد حي لا يموت

بقلم : وليد العرفاوي

  لَسْت ريحا
كَي تَفوت . . .
إِنَّك العاري
وَ هَذَا الشَّعْر تُوت . . .
   بهذه الكلمات صدح الصغير اولاد احمد في لقاء تلفزيوني جريء أجراه في قناة الحرة أيام معارضته للرءيس المخلوع و سأله الصحفي الذي استضافه آنذاك متعجبا :هل تريد أن يخلدك شعرك؟ فأجابه صاحب "حالات الطريق " بكل جرأة "أنا ابحث عن اللحظة لأن الشعر هو ورقة التوت التي تحمينا من الموت "
    و فعلا صدقت نبوته و أضحى شعره الجميل و كلماته الحبلى بالأمل تخلده كل ثانية في هذي البلاد رغم أنه قد صعد للسماء و ودع الشاهق و السافل كما ذكر في قصيدة الوداع التي رثى بها نفسه قبل أن يرثيه كل من يحبه .
    سمعت البارحة أنهم قاموا بإزالة اللوحة التي كانت تحمل اسم الشاعر اولاد احمد في مدرسة النوايل من ولاية سيدي بوزيد.
    و ماذا أرادوا يا ترى من هذه الفعلة؟ هل يريدون أن يضربوا رمزية الشعر و ينتقموا من الشعراء ؟
    حتما هذا مبتغاهم لكن هل يعلم خفافيش الظلام أن أولاد أحمد حي و هم موتى ،هل يعلم هؤلاء الكهنة أن محو اسم اولاد احمد من صرح لا يمكنه أن يمحيه من هذا الوطن لأن قصائده كانت تمتزج فيه و تتغنى بحبه .
    اولاد احمد يا سادة شاعر زلزال ،سلك طريقه مع الجميع لكنه وصل وحيدا لقمة الشعر حتى لقبه النقاد بشاعر البلاد و سماه نديمه و رفيقه توفيق بن بريك بكونه ملك الشعر في البلاد.
__
  لماذا يقلقهم اولاد احمد؟
   
سؤال سأله اولاد احمد نفسه و لم يجد له جواب حتى رفع يده للسماء و قال في قصيدته "أدعية شعرية" إلهي اعني عليهم ،لقد عق وا ناقتي و اباحوا دمي في بيوت أذنت بألا يراق دم فوق سجادها "هكذا عبر عن حسرته منهم و اليوم حتى بعد موته لم يتوان الجهلة في ضرب قيمته و محاولة مسح اسمه من الذاكرة الوطنية و هذا الفعل لا يشذ عن عدة أفعال شهدتها التاريخ ،هو مواصلة لصراع الجهل و التوير،التقليد و التحديث ،الرجعية و التقدمية فكما كسر الدواعش تمثال المتنبي ،و مزق الإخوان صورة الشاعر احمد فؤاد نجم في مصر هاهم اليوم في تونس يحاولون اغتيال زمزية  الصغير اولاد احمد بعد أن فشلوا في اغتياله الجسدي الذي هددوه به عدة مرات .

___رياح الرجعية تريد أن تطمر الشعر___

  "لا شيء يحدث في العالم المتقدم ،لا الزمن  البربري انتهى و الضحية مثل الحقيقة "نسبية و عادية"
هكذا علق محمود درويش بكل سخرية من العالم المتقدم الذي يعيش في وهم الحداثة أو ما سمي "الحداثة المعطوبة " و هذا ما نعيشه في تونس اليوم نعيش في القرن الواحد و العشرين و بيننا أناس يعيشون في القرون الغابرة و هذه أزمة العقل العربي الأصولي الذي يأبى حركة الفكر و التقدم و التعبير عن الذات فالشعر بالنسبة للذين أمروا بإزالة اللافتة هو كفر و فسق و هذا لعمري مجانب للصواب لأن الدين الاسلامي جوهره الحرية و أساسه العلم و المعرفة و الإطلاع فكيف لهؤلاء أن يفهموا هذا و هم الذين لا يقرؤون و اذا قرؤوا فإنهم لا يقرؤون إلا لإبن تيمية و أبو بكر الناجي و غيرهم من باعثي الفتنة .
  للأسف هذا المد الرجعي يمقت الشعر و يكره الشعراء حتى بعد موتهم و قد برر الشاعر الكبير ممدوح عدوان ذلك في كتابه "دفاعا عن الجنون" بقوله أن كره الكثيرين للشعر يعود لكون هذا الأخير "شاهد جريء و صفيق على الحقيقة يجلبها كما هي و يضعها امام العالم بتشوهاتها و ندوبها و استلابها و يجبرك على التحديق إليها،فهو إذن يتقدم شاهدا و معه الحقيقة ،يتقدم شاهدا عليك و لنفسك" بهذه الكلمات المكثقة وصف عدوان سبب كره الشعر لذلك فإن من يكره الحقيقة يكره الشعراء و يأبى سماعهم و كذا الرجعيون في تونس الذين تبين بالكاشف أنهم يَكِنُّون حقدا على أولاد أحمد حينما اماط اللثام على كذبهم و كتب فيهم قصائد تُعَرِّي قبحهم و جهلهم .
   لذلك فإن أولاد أحمد اكبر من أن يوضع إسمه في لافتة فهو الإسم المستعار لهذا الوطن و حارس مملكة الحلم في قلوبنا بشعره و نثره .

تعليقات