شكري المبخوت يقدم كتاب عبد الحميد الجلاصي


أوردت جريدة الفجر بتاريخ 4 نوفمبر 2017 مايلي :

نظّم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (تونس) يوم 3 نوفمبر 2017 أمسية فكرية لتقديم كتاب عبد الحميد الجلاصي المُعنون “السرقة اللذيذة”.

قدّم الكتاب الأستاذين منصف ونّاس وشكري المبخوت وعقّب على المداخلتين عبد الحميد الجلاصي. وأدار النقاش مهدي المبروك.

من بين الحضور أبو يعرب المرزوقي وحميدة النيفر وعبد السلام الزبيدي وعامر لعريض والطاهر بو يحيى وعدد من أبناء حركة النهضة وبعض الوجوه الثقافية والسياسية.

تعرّض منصف ونّاس للكتاب من زاوية سوسيو-سياسية واعتبر أنّ ما كتبه عبد الحميد الجلاصي تجربة إنسانية تعكس بشاعة المنظومة وظلم القائمين عليها. وأبدى إعجابه بشخصية الجلاصي “المُتحيّلة” و”المُراوغة” حسب تعبيره.

أمّا شكري المبخوت افتتح قراءته للكتاب بفتح قوسين عن سياقات تعرّفه على الجلاصي (عرفه من خلال حوارات إذاعية كان يستمع إليها في السيارة ثمّ قرأ كتابه اليد الصغيرة لا تكذب) وقال أنّ ما لفت انتباهه أنّ عبد الحميد رغم انتماءه للحركة الاسلامية إلاّ أنه يُقدّم خطابا مُنفتحا وفيه الكثير من التحليل السياسي العقلاني. وحين سأل أحد أبناء الحركة عن هذه الشخصية المثيرة للجدل أجابه: “عبد الحميد يعمل في التكنبين”.

قراءة المبخوت كانت أدبية حسب قوله، وإن عرّج على العديد من الأمور ذات العلاقة بالسياسي في بعده “النضالي”. وحاول أن يلتزم الموضوعية رغم كثرة المطبّات. فهو يصف الجلاصي بالمتحايل والمراوغ ويُشيد بعقله الاستشرافي الذي تنبّأ بمستقبل الحركة. ——– ربما قراءة الكتاب من زوايا أخرى وداخل سياقات مُغايرة لسياقات الندوة يجعلنا نقف عند قضايا أكثر عُمقا. فالكتاب حسب رأيي وإن بدا في ظاهره يحكي تجربة ذاتية في بعدها الإنساني وبأسلوب أدبي سلس وجميل إلاّ أنّ صاحبه قد يكون بصدد بناء صورة للسجين السياسي الاسلامي PROTOTYPE تتوائم مع الواقع الجديد للحركة (الحزب) وللبلاد وكذلك لتُستعمل (هذه الصورة) للتمايز في معارك التموقعات داخل مُختلف الفضاءات. إذ هي يمكن أن تُستثمر لتأسيس مشروعيات الاستحقاقات القادمة. (داخل الحزب وخارجه).

عبد الحميد الجلاصي المناضل الاسلامي المهوس بالعمل الحزبي في بعده التنظيمي كان ولعلّه لا زال يتلذّذ ممارسة “السرقة” التي سمّاها الأستاذين وناس والمبخوت “التحيّل” والمراوغة”. هو نشأ داخل التنظيم ومسك بتلابيب الجهاز فتحوّل إلى “ماكينة” لم تتوقّف لحظة واحدة عن الإشتغال حتى بين جدران السجن. فقزّم السجّان وجعله “لاشيء” وحوّل الجيولات إلى خلايا ناشطة واستمرّت الماكينة تكتب المراسلات وتخترع الحيل لإيصالها إلى ما وراء جدران سجن الهوارب. وكلّما وصلت مراسلة إلى الهدف بلغت اللذّة منتهاها. فتلك الرسائل المسرّبة كانت تضخّ الهواء النقي في عالم فقد ” الشمس والسماء”…

الأكيد أنّ الجلاصي بصدد بناء “شيء ما” باستعمال رأس مال مادي ورمزي راكمه داخل السجن وخارجه… والأكيد أنّ هذا “الشيء” لا يُمكن أن يتحوّل إلى بناية حقيقية إلاّ بعد التأكّد من سلامة الأسس ومشروعية ملكية الموارد. عملية البناء تسبقها مراجعات وتقييمات للتجارب ووقوف عند ثغراتها وعثراتها وتتطلّب شجاعة في استعمال المشرط وليس فقط التلذّذ في سرد التفاصيل التي قد تبني مشروعية إعادة إنتاج عالم “لا شمس ولا سماء”.

 

تعليقات