عيسى ابراهيم فنان يختفي في متاهات المر

بقلم : محمد المي
في نهج المر بعد أن تترك مساره الطويل وترغب في الانعطاف تجاه سوق العصر حيث الخردوات تجد دكانا صغيرا لا تتجاوز مساحته بعض الأمتار المربعة يجلس في ركن منه عم عيسى ابراهيم صاحب الوجه البشوش وقد فقد أغلب أسنانه مثبتا نظارتين على أنفه متفحصا بها وجوه المترددين على متجره.
متجره لا يبيع الخردوات ولا المواد الغذائية وإنما بعض الكتب القديمة والمجلات والجرائد كمجلة المصور المصرية أو جريدة النهضة التونسية وقد تجد لديه ألفية ابن مالك أو كتاب " شخصيات غير قلقة " أو مؤلفا مجهولا لحسين مؤنس...فضلا عن لوحات رسمها وزينها هو بطريقة عفوية قلد في بعضها بابلو بيكاسو وابتكر من خياله لوحات أخرى.
يحدثك عم عيسى ابراهيم عن الحركة التشكيلية وعن أعلامها ومدارسها ويغوص معك في دلالة الألوان. ولا يخفي تبرمه من تجاهل النقاد لتجربته الفنية .
احترق منزله ذات صيف واحترق معه أكثر من مائة لوحة فضاع جهده وتلاشت أعماله وكأن القدر يستهدفه دون سواه من خلق الله ليسلط عليه مزيد الأذى :

مصائب الدهر كفي وان    لم تكف فخفي

ورغم المحن يصر على عم عيسى على ابتسامته جالسا في دكانه كأنه يجلس على عرش الفن أو على كرسي امبراطورية لا تسع سواه  مصدرا فتاويه في اللوحات الأصلية والمزيفة وتقييمه للمشهورين والمغمورين من الفنانين التشكيليين غير مكترث سوى بما يعرف وغير قابل للتفاوض في معارفه وغير متلهف على بيع لوحاته أن لم يجد من يقدر فنه ويعرف قدره .
عيسى ابراهيم حالة إبداعية في متاهات " المر " تتذوق مرارة الواقع لتعطي حلاوة رسوم وبهاء إبداع لا على مثال سابق له .

تعليقات