العين في رسوم القرجي (2 من 3)

بقلم : محمد المي

كأن العين في رسوم القرجي تبدو نفسها على غرار العين لدى جلال بن عبد الله أو الزبير التركي والحال انك اذا تأملت جيدا العين التي يرسمها القرجي في مختلف الرسوم والتصاوير تجدها عينا متبدلة غير ثابة  تعكس تطور الرسم عنده وتبدل مفهومه لديه.

رسوم القرجي للعين في بداية مسيرته بدأ فيها مقلدا  ، محاكيا،  للعين المألوفة في الرسوم الشعبية التي كانت تصور حكايات الجازية الهلالية وبطولات علي ابن أبي طالب ومغامرات سيف بن ذي يزن وراس الغول .
وعين المرأة في تلك الرسوم لا تختلف عن عين الرجل فهي بيضوية الشكل أو تشبه ورقة الشجرة تتوسطها نقطة كبيرة في الوسط غالبا تتسع أحيانا لتضيق أحيانا أخرى. ويمكن أن نلمس التقليد هذا المشار إليه في عديد اللوحات التي رسمها في بداياته تقريبا.

تطورت تجربته بعد ذلك وشابهت عين جلال بن عبد الله تلك العين المتصلة خطأ بالانف وترتبط به وكأن خطها هو تتمة لخط الأنف والعكس صحيح فكانت لوحاته في تلك الفترة هي التي ابتعد فيها القرجي عن التصور الشعبي في الرسم والذائقة الفلكلورية وشرع في تقديم رسوم تنتمي إلى فئة متلقي الفن في الصالونات والاروقة اي ان المتلقي الذي ينشده الفنان في هذه المرحلة غير المتلقي الذي كان ينتظره في بداياته،  هي لوحات تنتمي إلى الوسط البرجوازي لا تكثيف فيها ولا كثرة في الحركة ، لوحات ساكنة ، هادئة،  مستقرة،  غارقة في عوالم بعيدة عن الضوضاء وجلبة العامة .

غير أن العين التي انتهى إليها القرجي في نهاية مساره ودلت على ذلك لوحاته الأخيرة تنحو إلى التجريد أو لنقل أصبح يقتصر فيها على خط مائل تدرك أنه كالعين لمكانته في الوجه وماهو بالعين في حقيقة الأمر.

إن دراسة العين في رسوم القرجي تشي بالمراحل التي مر بها الفنان في مساره الفني ومسيرته الإبداعية. بل يمكن أن تجعلنا نتوقف عند القاسم المشترك بينه وبين مجايليه وقدرته على التفاعل مع السائد والموجود وكيفيات البحث عنده التي لم تجعله يستقر على حال .

لقد بقي طوال مسيرته باحثا قلقا ورساما ناشدا كينونة مختلفة قصد توطين هوية وتاصيل لكيان.

تعليقات